للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {ذُرِّيَّةَ:} فيه أوجه: أحدها هو منادى حذف منه أداة النداء؛ إذ الأصل: يا ذرية.

والثاني: هو مفعول ثان للفعل {تَتَّخِذُوا}. وقيل: العكس أيضا. والثالث: هو منصوب بفعل محذوف، تقديره: أعني، واعتبره الزمخشري منصوبا على الاختصاص، وليس هذا موضع الاختصاص، كما أجيز اعتباره بدلا من {وَكِيلاً،} فإعراب {ذُرِّيَّةَ} مرتبط بما قبله، ويختلف باختلاف القراءة في: {أَلاّ تَتَّخِذُوا}. تأمل، وتدبر. هذا؛ وقرئ شاذا برفعه على أنه بدل من واو الجماعة، أو خبر لمبتدإ محذوف، ويجوز جره في العربية على البدل من (بني إسرائيل)، ولم يقرأ به أحد، و {ذُرِّيَّةَ:} مضاف، و {مَنْ} اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة، وهو يحتمل الإفراد والجمع، والجملة الفعلية بعده صلته، والعائد محذوف؛ إذ التقدير: الذي حملناه، أو الذين حملناهم، وهو أقوى. تأمل. {مَعَ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، و {مَعَ:} مضاف، و {نُوحٍ:} مضاف إليه. {إِنَّهُ} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {كانَ} ماض ناقص، واسمه يعود إلى نوح عليه السّلام. {عَبْداً} خبر {كانَ}. {شَكُوراً} صفة عبدا، وجملة: {كانَ..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ) والجملة الاسمية: {إِنَّهُ..}. إلخ تعليل للأمر الذي رأيت تقديره في الشرح.

{وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (٤)}

الشرح: {وَقَضَيْنا إِلى..}. إلخ: أي: أعلمناهم، وأخبرناهم فيما آتيناهم من الكتاب:

أنهم سيفسدون. انتهى. خازن. وقال البيضاوي: أوحينا إليهم وحيا مقضيا مبتوتا. وقال قتادة: أي: حكمنا، فتكون {إِلى} بمعنى: على، والمراد: بالكتاب: التوراة، وقرئ: «(في الكتب)» وعلى تفسير (قضينا) بحكمنا يكون المراد {فِي الْكِتابِ:} اللوح المحفوظ. {لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ:} المراد في الأرض: أرض بيت المقدس، وما حوله، وإفسادهم في المرة الأولى هي مخالفة أحكام التوراة، وقتل زكريا عليه السّلام، وحبس أرمياء حين أنذرهم سخط الله. قيل: وقتل شعياء النبي. وإفسادهم في المرة الثانية: قتل يحيى بن زكريا، وقصد قتل عيسى عليهم الصلاة والسّلام. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٥] من سورة (مريم) عليها السّلام. {وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً:} أراد بالعلو: التكبر عن طاعة الله تعالى، والاعتداء على حرمات الناس، وحقوقهم، وما يتعلق به من بغي، وطغيان.

بعد هذا خذ شرح «قضى» بمعانيه المختلفة: قال الشيخ أبو منصور-رحمه الله تعالى- القضاء يحتمل الحكم؛ أي: ليحكم ما قد علم أنه يكون كائنا، أو ليتم أمرا كان قد أراده، وما أراد كونه فهو مفعول لا محالة. انتهى. هذا؛ والمصدر: قضاء بالمد؛ لأن لام الفعل ياء؛ إذ أصل ماضيه «قضي» بفتح الياء، فقلبت ألفا لتحركها، وانفتاح ما قبلها. ومصدره: «قضيا»

<<  <  ج: ص:  >  >>