بالتحريك، كطلب طلبا، فتحركت الياء فيه أيضا، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، فاجتمع ألفان، فأبدلت الثانية همزة، فصار قضاء-ممدودا-.
وجمع القضاء أقضية كعطاء وأعطية، وهو في الأصل إحكام الشيء، وإمضاؤه، والفراغ منه، ويكون أيضا بمعنى: الأمر، قال تعالى: {وَقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ..}. إلخ وبمعنى:
العلم، تقول: قضيت بكذا؛ أي: أعلمتك به، وبمعنى: الإتمام، قال تعالى: {فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ} وبمعنى: الفعل، قال تعالى حكاية عن قول السحرة لفرعون: {فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ} وبمعنى: الإرادة، قال تعالى: {فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وبمعنى: الموت، كقوله تعالى حكاية عن قول أهل النار: {وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ} وبمعنى: الكتابة قال تعالى:
{وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا} أي: مكتوبا في اللوح المحفوظ. وبمعنى: الفصل، قال تعالى: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} وبمعنى: الخلق، قال تعالى: {فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ} وبمعنى: بلوغ المراد، والأرب، قال تعالى: {فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها} وبمعنى:
وفيت الدين، كقولك: قضيت ديني. انتهى. قسطلاني شرح البخاري بتصرف، وأضيف: أنه يكون بمعنى: أوصينا كما في قوله تعالى: {وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} الآية رقم [٦٦] من سورة (الحجر). وانظر ما ذكرته هناك في شرح (قضينا). وقد أتى:
قضى، وليقضوا بمعنى: ليزيلوا في الآية رقم [٢٩] من سورة (الحج).
قال القرطبي-رحمه الله تعالى-فإذا كان القضاء يحتمل هذه المعاني، فلا يجوز إطلاق القول بأن المعاصي بقضاء الله؛ لأنه إن أريد به الأمر فلا خلاف أنه لا يجوز ذلك؛ لأن الله تعالى لم يأمر بها، فإنه لا يأمر بالفحشاء. وقال زكريا بن سلام: جاء رجل إلى الحسن، فقال:
إنه طلق امرأته ثلاثا، فقال: إنك قد عصيت ربك، وبانت منك، فقال الرجل: قضى الله ذلك عليّ، فقال الحسن: وكان فصيحا، ما قضى الله ذلك؛ أي: ما أمر الله به، وقرأ قوله تعالى:
{وَقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ}.
{وَلَتَعْلُنَّ:} أصل الفعل: (تعلو) معتل بالواو، فلما أسند إلى واو الجماعة صار: (تعلوون) فاتصلت به نون التوكيد الثقيلة لوقوعه جوابا لقسم مقدر، فصار: (لتعلووننّ) فاستثقلت الضمة على الواو، فحذفت، فالتقى ساكنان، واو العلة، وواو الجماعة، فحذفت واو العلة، فصار (لتعلوننّ) فحذفت نون الرفع لتوالي الأمثال. فصار: (لتعلونّ) فحذفت واو الجماعة لالتقاء الساكنين، وبقيت الضمة على اللام لتدل عليها، فصار (لتعلنّ) فأنت ترى أنه قد حذف منه حرفان: واو العلة، ونون الرفع، وضمير هو واو الجماعة، أما الفعل: {لَتُفْسِدُنَّ} فقد حذف منه حرف واحد، وهو نون الرفع، وواو الجماعة فقط؛ لأنّه صحيح الآخر، وإذا أسند الفعل المعتل الآخر بالياء لواو الجماعة، يحذف منه أيضا حرفان وضمير، أما إذا أسند الفعل المعتل