{وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ} أي: لملك فرعون، يرثون ملكه، ويسكنون مساكن القبط، كما قال تعالى في سورة (الأعراف): {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا}. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: إن بني إسرائيل لما كثروا بمصر؛ استطالوا على الناس، وعملوا بالمعاصي، فسلط الله عليهم القبط، وساموهم سوء العذاب إلى أن أنجاهم الله على يد موسى-على نبينا، وعليه ألف صلاة وألف سلام-.
الإعراب:{وَنُرِيدُ:} الواو: حرف عطف. (نريد): فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر تقديره:
«نحن»، والمصدر المؤول من {أَنْ نَمُنَّ} في محل نصب مفعول به. {عَلَى الَّذِينَ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {اُسْتُضْعِفُوا:} فعل ماض، مبني للمجهول، مبني على الضم، والواو نائب فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. {فِي الْأَرْضِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وقيل: متعلقان بمحذوف حال، وهو ضعيف، وجملة:{وَنُرِيدُ..}. إلخ معطوفة على جملة:{إِنَّ فِرْعَوْنَ..}. إلخ، أو هي مستأنفة، وقيل: هي في محل نصب حال من فاعل يستضعف، ولا وجه له قطعا؛ لأن الجملة المضارعية الواقعة حالا لا تقترن بالواو إلا بتقدير: ونحن نريد... إلخ. (نجعلهم): معطوف على: {نَمُنَّ} منصوب مثله، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول. {الْوارِثِينَ:} مفعول به ثان منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ.
الشرح:{وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ:} أرض مصر، والشام، وأصل التمكين أن تجعل للشيء مكانا يتمكن فيه، ثم استعير للتسليط، وإطلاق الأمر. {وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما،} وقرئ «(يرى فرعون...)» إلخ برفع هذه الأسماء. {مِنْهُمْ} أي: من بني إسرائيل. {ما كانُوا يَحْذَرُونَ} أي:
يخافون من هلاكهم، وذهاب ملكهم على يد مولود منهم، والحذر والتحرز من الشر، ولا يغني حذر من قدر. هذا؛ وهامان كان وزيرا لفرعون، وهو معين له على ضلاله، وكفره، وادعائه الربوبية.
تنبيه: قال ابن هشام-رحمه الله تعالى-في مغنيه: إنهم يعبرون عن الماضي، والآتي، كما يعبرون عن الشيء الحاضر قصدا لإحضاره في الذهن، حتى كأنه مشاهد حالة الإخبار، ومنه: