للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منصوبة محلا ب‍: {مُصَدِّقاً}. وأورد ابن هشام آيات كثيرة شواهد على ذلك، وأورد قول حاتم الطائي. وقيل: هو لقيس بن عاصم المنقري-رضي الله عنه-: [الطويل] إذا ما صنعت الزّاد فالتمسي له... أكيلا فإني لست آكله وحدي

وهذا هو الشاهد رقم [٣٩٨] من كتابنا: «فتح القريب المجيب». {بَيْنَ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول، و {بَيْنَ} مضاف، و {يَدَيْهِ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء؛ لأنه مثنى صورة، وحذفت النون للإضافة، والهاء في محل جر بالإضافة. {يَهْدِي:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل يعود إلى: {كِتاباً}. {إِلَى الْحَقِّ:} متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية يجوز فيها ما جاز ب‍: {مُصَدِّقاً،} أو هي في محل نصب حال من الفاعل المستتر فيه. {وَإِلى طَرِيقٍ:} معطوفان على ما قبلهما. {مُسْتَقِيمٍ:} صفة:

{طَرِيقٍ}. هذا؛ والكلام {يا قَوْمَنا..}. إلخ، كله في محل نصب مقول القول. وجملة: {قالُوا..}.

إلخ، مستأنفة لا محل لها.

{يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٣١)}

الشرح: {يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ:} يعني محمدا صلّى الله عليه وسلّم، وهذا يدل على أنه كان مبعوثا إلى الجن، والإنس. قال مقاتل-رحمه الله تعالى-: ولم يبعث الله نبيا إلى الجن والإنس قبل محمد صلّى الله عليه وسلّم. قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: قلت: يدل على قوله ما في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أعطيت خمسا لم يعطهنّ أحد قبلي، كان كلّ نبيّ يبعث إلى قومه خاصّة، وبعثت إلى كلّ أحمر وأسود، وأحلّت لي الغنائم، ولم تحلّ لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض طيّبة طهورا ومسجدا، فأيّما رجل أدركته الصلاة؛ صلّى حيث كان، ونصرت بالرّعب بين يدي مسيرة شهر، وأعطيت الشّفاعة». قال مجاهد:

الأحمر والأسود: الجن والإنس، وفي رواية من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-: «وبعثت إلى الخلق كافّة، وختم بي النبيّون».

{وَآمِنُوا بِهِ} أي: بالداعي، وهو محمد صلّى الله عليه وسلّم. وقيل: أي بالله؛ لقوله: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ}. وعلى الأول إنما أعاد الإيمان مع أنه داخل في إجابته؛ لأن الإيمان أهم أقسام المأمور به، وأشرفها، فلذلك ذكره على التعيين، فهو من باب ذكر العام، ثم يعطف عليه أشرف أنواعه.

{يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ:} قال بعضهم: لفظة {مِنْ} هنا زائدة، والتقدير: يغفر لكم ذنوبكم. وقيل: هي على أصلها، وذلك: أنّ الله يغفر من الذنوب ما كان قبل الإسلام، فإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>