للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسلموا؛ جرت عليهم أحكام الإسلام، فمن أتى بذنب؛ أخذ به ما لم يتب منه، أو يبقى تحت خطر المشيئة إن شاء الله غفر له، وإن شاء آخذه بذنبه، أقول: القاعدة النحوية لا تزاد «من» في الإيجاب إلا على مذهب الأخفش، وهو قول ضعيف، لا يقره جمهرة النحاة، ومثل هذه الاية الاية رقم [٤] من سورة (نوح) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، والقول الأصح أن {مِنْ} على بابها من التبعيض. وأن الغفران بالإيمان إنما يكون للذنوب الخاصة والتي هي بين العبد وربه، أما حقوق العباد؛ فلا يمكن غفرانها إلا بعد أن يرضى أصحابها، فإن الله تعالى لا يغفر بالإيمان حقوق العباد.

تنبيه: هذه الاية تدل على أنّ الجن كالإنس في الأمر، والنهي، والثواب، والعقاب. وقال الحسن: ليس لمؤمني الجن ثواب غير نجاتهم من النار، يدل عليه قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ..}. إلخ، وبه قال أبو حنيفة. قال: ليس ثواب الجن إلا أن يجاروا من النار، ثم يقال لهم: كونوا ترابا مثل البهائم. وقال آخرون: إنهم كما يعاقبون في الإساءة يجازون في الإحسان مثل الإنس، وإليه ذهب مالك، والشافعي، وابن أبي ليلى. وقد قال الضحاك: الجن يدخلون الجنة، ويأكلون، ويشربون. قال القشيري: والصحيح: أن هذا مما لم يقطع فيه بشيء، والعلم عند الله. انتهى. قرطبي.

ثم قال: قوله تعالى في سورة (الأنعام) رقم [١٣٢]: {وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا} يدلّ على أنهم يثابون، ويدخلون الجنة؛ لأنه قال في أول الاية: {يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ..}. إلى أن قال: {وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا} والله أعلم. انتهى. بحروفه، والصحيح: أنهم يثابون، ويعاقبون. قال أرطأة بن المنذر: سألت ضمرة بن حبيب: هل للجن ثواب؟ قال: نعم، وقرأ قوله تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} قال: فالإنسيات للإنس، والجنيات للجن. وقال عمر بن عبد العزيز-رضي الله عنه-: إن مؤمني الجن حول الجنة في ربض، ورحاب ليسوا فيها. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {يا قَوْمَنا:} منادى. و (نا): في محل جر بالإضافة. {أَجِيبُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {داعِيَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {وَآمِنُوا:} فعل أمر معطوف على ما قبله. {بِهِ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {يَغْفِرْ:} فعل مضارع مجزوم لوقوعه جوابا للأمر، وجزمه عند الجمهور بشرط محذوف، التقدير: إن تجيبوا؛ يغفر، وفاعله يعود إلى الله. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {مِنْ ذُنُوبِكُمْ:} متعلقان بالفعل: {يَغْفِرْ} أيضا، وهما مفعوله؛ لأن {مِنْ} بمعنى بعض، وانظر الشرح على القول بزيادة: {مِنْ،} والكاف في محل جر بالإضافة. (يجركم): معطوف على: {يَغْفِرْ،} والفاعل يعود إلى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>