للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى: إنّ الله أرسل محمدا صلّى الله عليه وسلّم بالهدى ودين الحق بعد انقطاع الرّسل بعد عيسى في المدّة المذكورة؛ ليقطع حجّة اليهود، والنّصارى بعدم إرسال رسول بعد عيسى، ولئلا يبقى لهم عذر يعتذرون به. هذا؛ و {بَشِيرٍ} و {نَذِيرٍ} هو محمد صلّى الله عليه وسلّم بشير بالجنة، والنعيم المقيم فيها لمن اهتدى، ونذير من النّار لمن كفر، وفسق، وعصى، وشقّ على ربّه العصا.

الإعراب: {يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ:} انظر إعراب هذا الكلام في الآية رقم [١٥]، ومفعول {يُبَيِّنُ} محذوف، تقديره: الدّين، أو أحكامه، وحذف لفهمه من المقام، أو تقديره: يبين لكم ما كنتم تخفون، وحذف لتقدّم ذكره في الآية السّابقة. {عَلى فَتْرَةٍ:} متعلقان بالفعل: {جاءَكُمْ،} أو هما متعلقان بمحذوف حال من فاعل: {يُبَيِّنُ} المستتر. {مِنَ الرُّسُلِ:}

متعلقان بمحذوف صفة: {فَتْرَةٍ}. {أَنْ:} حرف مصدري، ونصب. {تَقُولُوا:} فعل مضارع منصوب ب‍: «أن» وعلامة نصبه حذف النون لأنّه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق والمصدر المؤول من الفعل وناصبه في محل جر بحرف جر محذوف عند الكوفيين، التقدير: لئلا تقولوا. والجار والمجرور متعلقان بالفعل: (يبين)، وهو عند البصريّين في محل جر بإضافة اسم إليه واقع مفعولا لأجله، التقدير: كراهة، أو مخافة قولكم: ما جاءنا... إلخ.

وانظر الآية الأخيرة من سورة (النساء) ففيها تفصيل، وبيان، وزيادة.

{ما:} نافية. {جاءَنا:} فعل ماض. و (نا) مفعول به. {مِنَ:} حرف جر صلة. {بَشِيرٍ:}

فاعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا):

نافية، ويقال: صلة لتأكيد النفي. {وَلا نَذِيرٍ:} معطوف على ما قبله. {فَقَدْ:} الفاء: حرف تعليل. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {جاءَكُمْ:} ماض، ومفعوله. {بَشِيرٍ:}

فاعله، والجملة الفعلية تعليل لكلام محذوف، التقدير: لا تعتذروا بقولكم: ما جاءنا... إلخ؛ لأنّه قد جاءكم بشير، والتعليل، والمعلل كلام مستأنف لا محلّ له. {وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ:}

هو مثل الآية رقم [١٧].

{وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (٢٠)}

الشرح: {وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ..}. إلخ؛ أي: اذكر يا محمد حين قال موسى لبني إسرائيل: اذكروا نعمة الله العظمى عليكم، واشكروه عليها. قال الطّبريّ-رحمه الله تعالى-:

هذا تعريف من الله تعالى لنبيه صلّى الله عليه وسلّم بتمادي هؤلاء اليهود في الغيّ، وبعدهم عن الحقّ، وسوء اختيارهم لأنفسهم، وشدّة مخالفتهم لأنبيائهم مع كثرة نعم الله عليهم، وتتابع أياديه لديهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>