للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى من تكفير الخطايا، والثواب العظيم مع الأعواض الكثيرة. هذا؛ والضر، والضير، والضور واحد. ويقال: لا ضير ولا ضور ولا ضرّ ولا ضرر ولا ضارورة، والكل بمعنى واحد، وأنشد أبو عبيدة قول خداش بن زهير: [الوافر]

فإنّك لا يضورك بعد حول... أظبي كان أمّك أم حمار

ومعنى هذا البيت: لا تبالي، أو لا يعيبك، أو لا يضرك بعد قيامك بنفسك، واستغنائك عن أبويك من انتسبت إليه من شريف، أو وضيع. وضرب المثل بالظبي، أو بالحمار. ويستشهد بالبيت على جعل اسم كان نكرة، وخبرها معرفة ضرورة، وانظر الشاهد رقم [٨٢٣] من كتابنا فتح القريب المجيب.

{إِنّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ} أي: راجعون إلى ربنا بالموت لا محالة، فلا نبالي بوعيدك، وتهديدك، فهو الذي يفصل بيننا، وبينك بالحق، وهو خير الحاكمين. فكأنهم استلذوا العذاب رغبة في الأجر، والثواب حين خالطت قلوبهم بشاشة الإيمان.

الإعراب: {قالُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {لا:}

نافية للجنس تعمل عمل «إنّ». {ضَيْرَ:} اسم {لا} مبني على الفتح في محل نصب، وخبرها محذوف، التقدير: لا ضير علينا، أو في ذلك، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول.

{إِنّا:} حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، وقد حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {إِلى رَبِّنا:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما، و (نا): ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {مُنْقَلِبُونَ:} خبر (إنّ) مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الاسمية: {إِنّا..}. إلخ تعليل للنفي، لا محل لها، وهي من مقول السحرة، وجملة: {قالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{إِنّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (٥١)}

الشرح: {إِنّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا} أي: نأمل أن يتكرم علينا ربنا بغفر ذنوبنا؛ التي صدرت منا فيما مضى من عمرنا من سحر، وغيره، والطمع: نزول النفس إلى الشيء، والحرص على حصوله، وطمع يطمع من باب: سلم، يسلم. وخطايا: جمع: خطيئة، وتجمع على خطيئات، وهو كثير في القرآن الكريم. {أَنْ كُنّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} أي: عند ظهور الآية ممن كان في جانب فرعون. وقال الفراء: أول مؤمني زماننا. وأنكره الزجاج، وقال: قد روي: أنه آمن معهم ستمئة ألف، وسبعون ألفا، وهم الشّرذمة القليلون الذين قال فيهم فرعون {إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} روي ذلك عن ابن مسعود، وغيره. انتهى. قرطبي. هذا؛ وانظر شرح {رَبَّكَ} في الآية رقم [٩]، وشرح: (أوّل) في الآية رقم [٥] من سورة (الفرقان). هذا؛ وقرئ بكسر همزة (إن).

<<  <  ج: ص:  >  >>