للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمان، وقال: «والّذي نفسي بيده لو كان الإيمان بالثّريّا لناله رجال من هؤلاء». أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي. {لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} أي: لم يلحقوا بهم بعد وسيلحقون.

وقد روي: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «رأيتني أسقي غنما سودا، ثمّ أتبعتها غنما عفرا، أوّلها يا أبا بكر!». فقال: يا رسول الله! أما السود؛ فالعرب، وأما العفر؛ فالعجم، تتبعك بعد العرب.

فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «كذا أوّلها الملك». يعني: جبريل عليه السّلام، رواه ابن أبي ليلى عن رجل من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-انتهى. قرطبي.

هذا؛ و (آخرين) مفرده: آخر بفتح الخاء، ومؤنثه: أخرى، وكلاهما بمعنى غير، وأخرى تجمع على: أخر، وأخريات، والاخر بفتح الخاء يكون ما قبله، وما بعده من جنسه. هذا؛ والاخر بكسر الخاء لا يكون بعده شيء غيره، ومؤنثه: أخر، وآخرة أيضا، وجمع الأولى أخريات، وجمع الثانية أواخر. هذا؛ والأخرى دار البقاء، والنسبة إليها: أخروي، وكلا آخر، وآخر: ضد الأول، وانظر ما ذكرته في سورة (النجم) في الاية رقم [٤٧]. {الْعَزِيزُ:} الغالب القاهر؛ الذي قهر الجبابرة. {الْحَكِيمُ:} الذي يضع الأمور مواضعها، والذي جعل كل مخلوق يشهد بواحدانيته. وفي النسفي تبعا للزمخشري: في تمكينه رجلا أميا من ذلك الأمر العظيم، وتأييده عليه، واختياره إياه من بين كافة البشر. والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والماب.

الإعراب: {وَآخَرِينَ:} الواو: حرف عطف. (آخرين): معطوف على {الْأُمِّيِّينَ،} فهو مجرور مثله، أو هو معطوف على الضمير المنصوب، فهو منصوب مثله، وعلامة الجر، أو النصب الياء نيابة عن الكسرة، أو الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم. {مِنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة (آخرين). وقيل: متعلقان بمحذوف حال من (آخرين)، ولا وجه له؛ لأنه نكرة. {لَمّا:} حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَلْحَقُوا:} فعل مضارع مجزوم ب‍: {لَمّا} وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية في محل نصب حال من الضمير المجرور ب‍: (من)، أو في محل نصب صفة ثانية ل‍: (آخرين)، أو في محل نصب حال منه بعد وصفه بما تقدم. {بِهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، والجملة الاسمية: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} في محل نصب حال من فاعل الأفعال السابقة، والرابط:

الواو، والضمير، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلا محل لها.

{ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤)}

الشرح: {ذلِكَ:} الإشارة إلى ما أعطاه الله محمدا صلّى الله عليه وسلّم من النبوة العامة، والكرامة التامة، وما خص الله به أمته من بعثه إليهم. {فَضْلُ اللهِ:} جوده، وكرمه. {يُؤْتِيهِ:} يمنحه، ويعطيه من يشاء من عباده. {وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} أي: صاحب الكرم، والجود يختص، ويعطيه من

<<  <  ج: ص:  >  >>