من استقام، وهو أجوف واوي، فقل في إعلاله: اجتمع معنا حرف صحيح ساكن، وحرف علة متحرك، والحرف الصحيح أولى بالحركة من حرف العلة، فنقلت حركة الواو إلى القاف بعد سلب سكونها، فصار (مستقوم) ثم قلبت الواو ياء لمناسبة الكسرة فصار: (مستقيم).
الإعراب:{وَإِنَّ:} الواو: حرف عطف، أو حرف استئناف، ويقرأ بدون واو. (أنّ): حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {رَبِّي:} خبرها مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع... إلخ، والياء في محل جر بالإضافة. {وَرَبُّكُمْ:} معطوف على ما قبله، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. هذا؛ وعلى قراءة كسر الهمزة فالجملة اسمية، وهي مستأنفة، لا محل لها. وقيل: هي في محل نصب مقول القول لقول محذوف، التقدير: قل إن الله... إلخ، بدليل قوله في سورة (المائدة): {ما قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} وعلى فتح الهمزة تؤوّل مع اسمها وخبرها بمصدر، وفي محله، أوجه:
أحدها أنه على حذف حرف الجر متعلقا بما بعده، التقدير: ولأن الله ربي وربكم فاعبدوه، كقوله تعالى:{وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً} وإليه ذهب الزمخشري تابعا للخليل، وسيبويه.
الثاني: أنه معطوف على (الصلاة) والتقدير: أوصاني بالصلاة وبأن الله... إلخ، وإليه ذهب الفراء. الثالث: أن يكون في محل نسقا على {الْكِتابَ} في قوله: {آتانِيَ الْكِتابَ} على أن يكون الخطاب بذلك لمعاصري عيسى عليه السّلام، والقائل لهم ذلك هو عيسى. هذا؛ وأجاز الكسائي أن يكون في موضع رفع بمعنى: والأمر أن الله ربي، وفيه قول خامس، وهو أنه معطوف على {أَمْراً} ويكون المعنى: إذا قضى أمرا، وأن الله ربي... إلخ، وهذا ضعيف كما قيل على كسرة الهمزة: إن الجملة الاسمية معطوفة على قوله: {إِنِّي عَبْدُ اللهِ} فهو داخل في حيز القول، ويكون ما بينهما اعتراضا، وهو من البعد بمكان. {فَاعْبُدُوهُ:} الفاء: هي الفصيحة. وانظر الآية رقم [٤](اعبدوه): أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والهاء مفعوله، والجملة الفعلية لا محل لها على جميع الوجوه المعتبرة بالفاء. {هذا:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {صِراطٌ:} خبر المبتدأ، {مُسْتَقِيمٌ:} صفة له، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. وقيل: في محل نصب حال، ولا وجه له.
الشرح:{فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ} أي: اختلفت الفرق من أهل الكتاب في أمر عيسى عليه السّلام فاليهود قالوا: هو ساحر وابن زنى، والنصارى ثلاث فرق: قالت النسطورية منهم:
هو ابن الله. وقالت الملكانية: ثالث ثلاثة. وقالت اليعقوبية: هو الله، فأفرطت النصارى، وغلت، وفرطت اليهود، وقصرت، أما المسلمون فقد قالوا الحق: إنما هو عبد الله، وكلمته.