للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اِتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٩)}

الشرح: {وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً} أي: بلغه شيء من آياتنا، وعلم أنه منها، نحو قوله في الزقوم: إنه الزّبد والتمر. وقوله في خزنة جهنم: إن كانوا تسعة عشر فأنا ألقاهم وحدي.

{اِتَّخَذَها:} اتخذ الآيات، ولم يقل: اتخذه للإشعار بأنه إذا أحس بشيء من الكلام أنه من جملة الآيات خاض في الاستهزاء بجميع الآيات، ولم يقتصر على الاستهزاء بما بلغه، ويجوز أن يرجع الضمير إلى (شيء)؛ لأنه في معنى الآية، كقول أبي العتاهية الصوفي: [البسيط]

نفسي بشيء من الدنيا معلقة... الله والقائم المهدي يكفيها

حيث أراد عتبة جارية المهدي العباسي وكنّى عنها بشيء. {هُزُواً:} يقرأ بسكون الزاي والهمز، وبضم الزاي والهمز، وبضم الزاي بلا همز، وهو بجميع قراآته مصدر: هزأ، يهزأ هزآ من باب: فتح، ويأتي من باب: تعب. {أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ} أي: شديد يهينهم لإهانتهم الحق باستئثارهم الباطل. هذا؛ وجمع اسم الإشارة العائد إلى: (كل أفاك) وهو مفرد لشموله كل الأفاكين.

الإعراب: {وَإِذا:} الواو: حرف استئناف. (إذا): ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك، مبني على السكون في محل نصب. {عَلِمَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى: {أَفّاكٍ،} والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها على المشهور المرجوح. {مِنْ آياتِنا:} متعلقان بما قبلهما، و (نا): في محل جر بالإضافة. {شَيْئاً:}

مفعول به. {اِتَّخَذَها:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى: {أَفّاكٍ،} و (ها): مفعول به أول.

{هُزُواً:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية جواب (إذا)، لا محل لها، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. {أُولئِكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {مُهِينٌ:} صفة له، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {أُولئِكَ..}. إلخ لا محلّ لها؛ لأنها مستأنفة.

{مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠)}

الشرح: {مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ} أي: من وراء ما هم فيه من التعزز في الدنيا، والتكبر عن الحق جهنم. هذا؛ و (الوراء) يأتي بمعنى: ما خلف الظهر، ويأتي بمعنى: قدام، وأمام، فهو من الأضداد، قال تعالى في سورة (الكهف) رقم [٧٩]: {وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>