أما {النّارِ} فأصلها النّور: تحركت الواو وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، وهي من المؤنث المجازي، وقد تذكّر، وتصغيرها: نويرة، والجمع: أنور، ونيران، ونيرة، ويكنى بها عن جهنّم؛ التي سيعذب الله بها الكافرين، والفاسقين، كما أنها تستعار للشدّة، والضيق، والبلاء. قال الشاعر:[الطويل]
وألقى على قيس من النّار جذوة... شديدا عليها حرّها والتهابها
والفعل: نار، ينور، يستعمل لازما، ومتعديا إذا بدئ بهمزة التعدية، كما في قولك: أنارت الشمس الكون.
الإعراب:{الَّذِينَ:} فيه أوجه: الإتباع على البدلية من: (الذين اتقوا) فيكون مبنيّا على الفتح في محل جر. والقطع على إضمار: أمدح، أو أعني، فيكون مبنيّا على الفتح في محل نصب. والقطع على إضمار «هم» فيكون مبنيّا على الفتح في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف.
{يَقُولُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {رَبَّنا:} منادى حذف منه حرف النداء. و (نا) في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {إِنَّنا:} حرف مشبه بالفعل، و (نا) في محل نصب اسمها. {آمَنّا:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ) وهنا قد وقعت (نا) ضميرا مشتركا بين الرفع، والنصب، والجر. {فَاغْفِرْ:} الفاء: حرف عطف على رأي من يجيز عطف الإنشاء على الخبر، وابن هشام يعتبرها للسببية المحضة، وأراها في مثل ذلك الفاء الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدّر. (اغفر): فعل دعاء، والفاعل مستتر تقديره: أنت. {لَنا:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {ذُنُوبَنا:} مفعول به. و (نا): في محل جرّ بالإضافة، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب للشرط المقدر، التقدير: وإذا كان الإيمان حاصلا منا؛ فاغفر لنا ذنوبنا. والكلام كلّه في محل نصب مقول القول. ({قِنا}): فعل دعاء مبني على حذف حرف العلة من آخره وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره:«أنت» ونا مفعول به أول. {عَذابَ:} مفعول به ثان، وهو مضاف، و {النّارِ} مضاف إليه من إضافة اسم المصدر لظرفه، وفاعله محذوف. والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها.
الشرح:{الصّابِرِينَ:} يعني: على أداء الواجبات، وعن المحرّمات، والمنهيّات، وفي البأساء والضراء، وحين البأس، والصّابرين على أنواع البلاء. ({الصّادِقِينَ}) يعني: في إيمانهم، قال قتادة-رحمه الله تعالى-: هم قوم صدقت نيّاتهم، واستقامت ألسنتهم، وقلوبهم في السرّ، والعلانية، والصّدق يكون في القول، والفعل، والنّيّة، فأمّا صدق القول؛ فهو مجانبة الكذب