للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{جَبّارٍ:} صفة ثانية للموصوف المحذوف. هذا؛ وعلى تنوين (قلب) ف‍: {مُتَكَبِّرٍ} و {جَبّارٍ} صفتان له. هذا؛ والجملة الفعلية: {يَطْبَعُ..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ: {الَّذِينَ} على وجه قاله أبو البقاء، وعليه فالجملة الاسمية: «الأمر كذلك» معترضة بين المبتدأ، والخبر، وعلى الوجه الثاني في تعليق: {كَذلِكَ} فالجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها.

{وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ اِبْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦)}

الشرح: قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: لما قال مؤمن آل فرعون ما قال، وخاف فرعون أن يتمكن كلام هذا المؤمن في قلوب القوم؛ أوهم: أنه يمتحن ما جاء به موسى من التوحيد، فإن بان له صوابه؛ لم يخفه عنهم، وإن لم يصح؛ ثبتهم على دينهم، فأمر وزيره هامان ببناء الصرح. انتهى. فإسناد البناء، إلى هامان مجاز عقلي؛ لأنه سبب، فهو آمر يأمر، ولا يبني بنفسه، والباني هم الفعلة من العمال.

قال أهل التفسير: لما أمر فرعون وزيره هامان ببناء الصرح؛ جمع هامان العمال، والفعلة؛ حتى اجتمع عنده خمسون ألف بناء، سوى الأتباع، والأجراء، وطبخ الأجر، والجص، ونجر الخشب، وضرب المسامير، وأمر بالبناء فبنوه، ورفعوه، وشيدوه؛ حتى ارتفع ارتفاعا لم يبلغه بنيان أحد من الخلق، وأراد الله أن يفتنهم فيه، فلما فرغوا منه، ارتقى فرعون فوقه، وأخذ نشابة، ورمى بها نحو السماء، فردت إليه، وهي ملطخة بالدم، فقال: قد قتلت إله موسى، فعند مقالته هذه؛ بعث الله جبريل، عليه السّلام، فضرب الصرح بجناحه، فقطعه ثلاث قطع، فوقعت منه قطعة على عسكر فرعون، فقتلت منهم ألف ألف رجل، ووقعت قطعة منه في البحر، وقطعة في المغرب، فلم يبق أحد عمل شيئا فيه إلا هلك. هذا؛ والصرح: القصر الشامخ. {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ:} انظر الآية رقم [١٠] من سورة (ص)، ففيها الكفاية.

هذا؛ وأصل الترجي: طلب المحبوب المتوقع حصوله، كقولك: لعل الغائب يقدم. أو للتعليل، كما في قوله تعالى: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} سورة (طه) رقم [٤٤]. وأما التمني؛ فهو طلب المستحيل، أو ما فيه العسر، فالأول كقول أبي العتاهية الصوفي: [الوافر]

ألا ليت الشباب يعود يوما... فأخبره بما فعل المشيب

وأما الثاني؛ فهو كقول المعسر الآيس: ليت لي قنطارا من الذهب فأزكّيه. هذا؛ والصرح: بيت واحد يبنى مفردا طولا عاليا شامخا ضخما. وقال في الكشاف: الصرح البناء الظاهر، الذي لا يخفى على الناظر، وإن بعد، اشتقوه من: صرح الشيء: إذا ظهر، وصرّح بما في نفسه: أظهره، وبينه.

الإعراب: (قال): فعل ماض. {فِرْعَوْنُ:} فاعله. (يا): أداة نداء تنوب مناب: أدعو.

(هامان): منادى مفرد علم مبني على الضم في محل نصب ب‍: (يا). {اِبْنِ:} فعل أمر مبني على

<<  <  ج: ص:  >  >>