للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضا قول الآخر-وهو الشاهد رقم [٦٨٢] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [المتقارب]

يلومونني في اشتراء النّخي‍... ل أهلي فكلّهم ألوم

وأيضا: قول أبي فراس الحمداني، -وهو الشاهد رقم [١٩٦] -من كتابنا: «فتح رب البرية» -: [مجزوء الكامل]

فتح الرّبيع محاسنا... ألقحنها غرّ السّحائب

انظر شرح هذه الشّواهد في كتابينا تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. {مِنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {كَثِيرٌ} أو بمحذوف صفة له. {وَاللهُ بَصِيرٌ:} مبتدأ، وخبر. {بِما:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {بَصِيرٌ}. و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها على الاعتبارين الأوّلين فيها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: بصير بالذي، أو: بشيء يعملونه. وتؤوّل على اعتبارها مصدرية مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بالباء، التقدير: الله بصير بعملهم. والجملة الاسمية مستأنفة لا محلّ لها، هذا؛ وقرئ: «(عموا، وصمّوا)» بضم العين، والصاد من باب: زكم، وأزكمه الله، وقد جاء بغير همز فيما لم يسم فاعله، وهو قليل، واللغة الفاشية: أعمى، وأصمّ.

{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ اِبْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اُعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النّارُ وَما لِلظّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٧٢)}

الشرح: مناسبة الآية وما بعدها لما تقدّم: لمّا حكى الله عن اليهود ما حكاه من نقضهم الميثاق، وقتلهم الأنبياء، وتكذيبهم الرّسل، وغير ذلك؛ شرع في الإخبار عن كفر النّصارى، وما هم عليه من فساد الاعتقاد. وما ذكر في هذه الآية من اعتبارهم عيسى إلها هو قول الملكانية، واليعقوبية منهم؛ لأنّهم يقولون: إنّ مريم ولدت إلها، وإنّ الإله جلّ علاه حلّ في ذات عيسى، واتّحد به. تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا!

{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ..}. إلخ؛ أي: كفر النّصارى، وخرجوا عن جادة الحقّ، والصّواب بقولهم: {إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}. {وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ..}. إلخ؛ أي:

أنا عبد مثلكم، فاعبدوا خالقي، وخالقكم، الّذي يذلّ له كلّ شيء، ويخضع له كل موجود، كيف لا يكون عبدا لله، وأوّل كلمة نطق بها؛ وهو صغير في المهد أن قال: {إِنِّي عَبْدُ اللهِ} ولم يقل: إنّي أنا الله، ولا ابن الله، بل قال: {إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا}. وكذلك قال لهم في كهولته، ونبوّته، آمرا لهم بعبادة الله ربه، وربهم وحده، لا شريك له: قال تعالى هنا:

{وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>