{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ:} يعني: من يجعل لله شريكا من خلقه في ذاته، أو في صفاته، أو في أفعاله. {فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} أي: دخولها، وأوجب له النّار إذا مات على شركه. قال تعالى في سورة (النساء) رقم [٤٨ و ١١٦]: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ}. وفي الصّحيح: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم بعث مناديا ينادي في الناس: «إنّ الجنّة لا يدخلها إلاّ نفس مسلمة». وفي لفظ:«مؤمنة». {وَما لِلظّالِمِينَ} أي: الذين ظلموا أنفسهم بالشّرك، وارتكاب المعاصي. {مِنْ أَنْصارٍ:} أي: ما لهم من أنصار، وأعوان ينصرونهم، ويمنعونهم من العذاب يوم القيامة.
هذا؛ والمراد ب:(الظالمين) في هذه الآية: الكفار، كما عبّر عنهم في آيات كثيرة ب:
(المجرمين) و (الفاسقين) و (الكاذبين) وغير ذلك، وإنّنا نجد الكثير من المسلمين يتّصفون بهذه الصفات، فهل يوجه إليهم هذا التهديد، والوعيد، كما يوجه إلى الكفار؟ الحقّ أقول: نعم يوجه إليهم ذلك، ولا سيّما من قرأ القرآن الكريم، واطّلع على أخبار الأمم السابقة، والقرون السّالفة كيف فعل الله بهم، وجعلهم عبرة للمعتبرين. وإنّما سمّي الكافر ظالما لأنّه وضع العبادة في غير موضعها، وكلّ من يدّعي الإسلام، ولا يعمل بتعاليمه؛ فهو ظالم لنفسه، ويستحقّ ما يستحقّ الكافر من العذاب في الدنيا، والآخرة.
الإعراب:{لَقَدْ:} انظر الآية رقم [٧٠]{كَفَرَ:} فعل ماض. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. {قالُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها. {إِنَّ:} حرف مشبّه بالفعل.
{اللهَ:} اسمها. {هُوَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {الْمَسِيحُ:}
خبره. {اِبْنُ:} صفة: {الْمَسِيحُ} أو بدل منه، وهو مضاف، و {مَرْيَمَ:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنّه ممنوع من الصّرف للعلمية، والتأنيث المعنوي، والجملة الاسمية:{هُوَ الْمَسِيحُ..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية:{إِنَّ..}.
إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة:{لَقَدْ كَفَرَ..}. إلخ لا محلّ لها على الوجهين المعتبرين باللام.
(بني): منادى منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنّه ملحق بجمع المذكر السّالم، وحذفت النون للإضافة، و (بني): مضاف، و {إِسْرائِيلَ:} مضاف إليه مجرور... إلخ.
{اُعْبُدُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {اللهَ:} منصوب على التعظيم. {رَبِّي:} بدل من لفظ الجلالة منصوب مثله، وعلامة نصبه فتحة مقدّرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء في محل جرّ بالإضافة من