للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجيء سببا في استحقاق الدرهم، بخلاف قولك: فله درهم. انتهى كشاف بتصرف كبير.

وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢١].

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ اِفْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٩١)}

الشرح: هذه الآية تعمّ جميع من مات على الكفر من اليهود، والنّصارى، والوثنيين بأنّ مأواهم جهنم، وبئس المصير، ولا يقبل من أحدهم فداء يفتدي به من عذاب الله، ولو كان بملء الأرض من ذهب. وهذا مبالغة في التيئيس، والتقنيط من رحمة الله، وعفوه. وذكر الذهب؛ لأنه أعز الأشياء، وأغلاها، وهو على سبيل الفرض والتقدير؛ لأنّ الملك يوم القيامة لله وحده، ولا يملك عبد يومئذ مثقال ذرة من تراب، ولا يقبل من الكافر شفاعة، ولا يؤخذ منه عدل، قال تعالى في سورة (المائدة): {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ}. وقيل: معنى الآية: لو أن الكافر أنفق في الدنيا ملء الأرض ذهبا، ثم مات على كفره؛ لم ينفعه ذلك؛ لأنّ الطاعة مع الكفر غير مقبولة. {وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ:} مانعين يمنعونهم من عذاب الله.

فعن أنس-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: يقول الله-عز وجل-لأهون أهل النّار عذابا يوم القيامة: «لو أنّ لك ما في الأرض من شيء؛ أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم! فيقول الله:

أردت منك أهون من ذلك، وأخذت عليك في ظهر أبيك آدم ألاّ تشرك بي شيئا، فأبيت إلاّ الشّرك». أخرجه البخاريّ، ومسلم. وهذا يتعارض ظاهره مع قوله تعالى في سورة (الأعراف):

{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى}.

ويجاب بأن آية (الأعراف) معناها الخضوع، والتذلل، وما في الحديث معناه: الانقياد والطاعة. بعد هذا؛ فالموت: انتهاء الحياة بخمود حرارة البدن، وبطلان حركته، وموت القلب:

قسوته، فلا يتأثر بالمواعظ، ولا ينتفع بالنصائح.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ:} اسمها، وجملة: {كَفَرُوا} مع المتعلّق المحذوف صلة الموصول، والتي بعدها معطوفة عليها. {وَهُمْ كُفّارٌ:} مبتدأ، وخبر، والجملة الاسمية في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير. {فَلَنْ:} الفاء: صلة للتأكيد. (لن): حرف ناصب. {يُقْبَلَ:} فعل مضارع مبني للمجهول منصوب ب‍ (لن). {مِنْ أَحَدِهِمْ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة. {مِلْءُ:} نائب فاعل، وهو مضاف، و {الْأَرْضِ:} مضاف إليه. {ذَهَباً:} تمييز، وقال الكسائي: منصوب بنزع الخافض،

<<  <  ج: ص:  >  >>