للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (ما) حرفان دالان على التثنية، والجملة الاسمية: {لَشَهادَتُنا..}. إلخ جواب القسم لا محل لها.

(ما): نافية. {اِعْتَدَيْنا:} فعل، وفاعل، وانظر إعراب: {حَلَلْتُمْ} في الآية رقم [٣] والجملة الفعلية معطوفة على الجملة الاسمية قبلها، لا محل لها مثلها. {إِنّا إِذاً لَمِنَ الظّالِمِينَ} انظر إعراب مثلها في الآية السابقة، وهي تعليل للنفي لا محل لها.

{ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاِتَّقُوا اللهَ وَاِسْمَعُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (١٠٨)}

الشرح: {ذلِكَ:} الإشارة إلى الحكم المذكور في رد اليمين على الورثة إذا لم يصدقوا الشاهدين، أو الوصيين. {أَدْنى:} أقرب، وأحق، وانظر شرحه في الآية رقم [٢/ ٦١] تجد ما يسرك. {عَلى وَجْهِها:} على نحو ما تحملوها من غير تحريف، وخيانة فيها، وإنما جمع الضمير في: {يَأْتُوا} لأن المراد ما يعم الشاهدين المذكورين اللذين هما صاحبا الواقعة، وغيرهما من بقية الناس إلى يوم القيامة. {أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ:} ترد اليمين على الورثة، فيحلفون على خيانتهم، وكذبهم، فيفتضحون، ويغرمون ما خانوا فيه. وانظر الأيمان في الآية رقم [٩٣] {وَاتَّقُوا:} انظر الآية رقم [٣٥]. {وَاسْمَعُوا:} ما توصون به وتؤمرونه سماع قبول، وانظر الآية رقم [٨٣] {وَاللهُ:} انظر الاستعاذة. أو الآية رقم [١] الأنفال. {لا يَهْدِي:} لا يوفق إلى طريق الخير، أو إلى طريق الجنة. {الْقَوْمَ:} انظر الآية رقم [٢١]. {الْفاسِقِينَ:} الخارجين عن طاعته، المخالفين أوامره، وانظر الآية رقم [٢٨].

تنبيه: قال سليمان الجمل-رحمه الله تعالى-: هذه الآيات الثلاث من أشكل آي القرآن، حكما، وإعرابا، وتفسيرا، ولم يزل العلماء يستشكلونها، ويكفون عنها، حتى قال مكي بن أبي طالب رحمه الله في كتابه المسمى بالكشف: هذه الآيات في قراءتها، وإعرابها، وتفسيرها، ومعانيها، وأحكامها من أصعب آي القرآن، وأشكله. قال: ويحتمل أن يبسط ما فيها من العلوم في ثلاثين ورقة، أو أكثر، قال: وقد ذكرناها مشروحة في كتاب مفرد. وقال السخاوي: لم أر أحدا من العلماء تخلص كلامه فيها من أولها إلى آخرها. قلت: وأنا أستعين الله تعالى في توجيه إعرابها، واشتقاق مفرداتها، وتصريف كلماتها. وقراءاتها، ومعرفة تأليفها، وأما بقية علومها؛ فنسأل الله العون في تهذيبه إلى آخر ما في عبارة السمين، فارجع إليه إن شئت انتهى. بحروفه.

هذا؛ وأنا أقول: إنني بذلت جهدي-مستعينا بالله-في شرح، وإعراب ما رأيته في هذه الوريقات مستمدّا أكثره من المراجع الموجودة لدي، وما أراه ضعيفا ضعفته، وما رأيته قويّا رجحته، وما لم يذكر فيه شيء ذكرته، والله أسأل، وبنبيه أتوسل أن يوفقني وإياك أيها القارئ الكريم إلى ما يحبه ربنا، ويرضاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>