للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: أن تكون مصدرية، وهي وصلتها فاعل ب‍: {قَلِيلاً،} وقليلا حال معمول لمحذوف، وعليه يكون المعنى، أي: شكروا، فأخروا قليلا شكرهم. أجازه ابن الحاجب، ورجح معناه على غيره. انتهى. بتصرف كبير.

ولم يذكر إعراب قليلا على الوجه الأول، وذكر سليمان الجمل الوجه الأول، واعتبر {قَلِيلاً} نعتا لمصدر محذوف، مثل اعتباره في الوجه الثاني، وذكر أبو البقاء الوجه الثاني، وقال: التقدير: فما يشكرون قليلا، ولا كثيرا، وجملة: {قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ} مستأنفة، أو تعليلية لا محل لها على الاعتبارين. وهذا الإعراب مأخوذ من إعراب ابن هشام لقوله تعالى: {فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ} وهي الآية رقم [٨٨] من سورة (البقرة).

{وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (١٠)}

الشرح: {وَقالُوا} أي: كفار مكة. {أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ} أي: صرنا ترابا، وذهبنا مختلطين بتراب الأرض، ولا نتميز منه، كما يضل الماء في اللبن، والعرب تقول للشيء غلب عليه غيره، حتى خفي فيه أثره: قد ضل، قال الأخطل التغلبي: [الكامل] كنت القذى في موج أكدر مزبد... قذف الأتيّ به فضلّ ضلالا

أي: هلك، واختفى أثره. وقال قطرب: معنى: {ضَلَلْنا:} غبنا في الأرض. وأنشد قول النابغة الذبياني: [الطويل] فآب مضلّوه بعين جليّة... وغودر بالجولان حزم ونائل

هذا؛ وقرئ: «(ضللنا)» بكسر اللام، والأولى لغة نجد، وهي الفصيحة، والثانية لغة أهل العالية، قاله الجوهري. وانظر الآية رقم [١١] من سورة (لقمان)، ورقم [٥٠] من سورة (سبأ) وقرئ شاذا: «(صللنا)» بالصاد، أي أنتنا، وهي قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال النحاس: ولا يعرف في اللغة: صللنا، ولكن يقال: صلّ اللحم، وأصلّ، وخمّ، وأخمّ: إذا أنتن، قال الحطيئة: [السريع] ذاك فتى يبذل ذا قدره... لا يفسد اللّحم لديه الصّلول

{أَإِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ:} أي أنبعث، أو يجدد خلقنا بعد أن نصير مختلطين بالتراب. {بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ:} جاحدون، لما ذكر كفرهم بالبعث؛ أضرب عنه إلى ما هو أبلغ، وهو أنّهم كافرون بجميع ما يكون في العاقبة من حساب، وجزاء، وجنة، ونار، لا بالبعث وحده، وأنهم لا يلقون الله تعالى، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: (قالوا): فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {أَإِذا:}

الهمزة: حرف استفهام إنكاري. (إذا): ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب

<<  <  ج: ص:  >  >>