{آيَةً}. {لِقَوْمٍ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو ب:{آيَةً،} أو ب: {بَيِّنَةً،} وهو أظهر، قاله الجمل. {يَعْقِلُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل جر صفة:(قوم)، وجملة:{وَلَقَدْ تَرَكْنا..}. إلخ جواب القسم، لا محل لها، والقسم وجوابه كلام مستأنف لا محل له.
الشرح:{وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً} أي: وأرسلنا إلى مدين. هذا؛ ومدين اسم رجل، وهو مدين بن إبراهيم الخليل، على نبينا، وعليهم جميعا ألف صلاة، وألف سلام. فعلى هذا يكون المعنى: وأرسلنا إلى ولد مدين. ومدين: اسم للقبيلة، كما يقال: بنو تميم، وبنو أمية، ونحو ذلك، وقيل: مدين: اسم للماء الذي كانوا عليه. وقيل: هو اسم للمدينة، وعلى هذين القولين يكون المعنى: وأرسلنا إلى أهل مدين. والصحيح هو الأول؛ لقوله تعالى:{أَخاهُمْ شُعَيْباً} يعني في النسب لا في الدين، وشعيب هو ابن ميكيل، بن يشجر، بن مدين، بن إبراهيم، وأم ميكيل هي بنت لوط، وكان يقال لشعيب عليه السّلام: خطيب الأنبياء؛ لحسن مراجعته قومه، وكانوا أهل كفر، وبخس في المكيال، والميزان. هذا؛ وكان أهل مدين قوما عربا يسكنون في بلاد الحجاز، مما يلي جهة الشام قريبا من خليج العقبة من الجهات الشمالية منه، ويقول الطبري: إن بين مصر وأرض مدين ثمان ليال، ويظهر: أنها في الأرض المسماة الآن معان، وهي جنوب فلسطين. وهذا يخالف ما ذكرته سابقا.
هذا؛ واذكر أن شعيبا أضيف إلى قومه حيث قال تعالى:{أَخاهُمْ شُعَيْباً} بخلافه في قصة نوح، وإبراهيم، ولوط حيث ذكر قوم مؤخرا عنهم، معرفا بالإضافة إلى ضمير كل واحد منهم؛ لأن الأصل في جميع المواضع أن يذكر القوم، ثم يذكر رسولهم؛ لأن الله لا يبعث رسولا إلى غير معين، غير أن قوم نوح، وإبراهيم، ولوط، لم يكن لهم اسم خاص، ولا نسبة مخصوصة، يعرفون بها، فعرفوا بالإضافة إلى نبيهم، فقيل: قوم نوح، وقوم لوط، وقوم إبراهيم، وأما قوم شعيب، وهود، وصالح، فكان لهم نسب معلوم اشتهروا به عند الناس، فجرى الكلام على أصله. انتهى. جمل بتصرف. وينبغي أن تعلم: أن الله أرسل شعيبا إلى أهل مدين أولا، كما ذكر في سورة (الأعراف) وسورة (هود) فدعاهم إلى التوحيد، وإلى إيفاء الكيل، والميزان،