فعصوا، وعاندوا، فأهلكهم الله بالرجفة، ثم بعثه إلى أهل الأيكة، كما رأيت في سورة (الشعراء) فعصوا، وعتوا أيضا، فأهلكهم الله بالظلة.
{فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ:} وحدوه. لم يذكر الله عن لوط: أنه أمر قومه بالعبادة، والتوحيد، وذكر عن غيره ذلك؛ لأن لوطا كان في زمن إبراهيم على نبينا، وعليهم جميعا ألف صلاة، وألف سلام، وإبراهيم سبق لوطا بذلك؛ حتى اشتهر الأمر بالتوحيد عند الخلق، وإنما ذكر عنه ما اختص به من النهي عن الفاحشة، وأما غيره؛ فجاءوا في زمن غير مشتهر بالتوحيد، فأمروا به. انتهى. جمل نقلا عن الرازي.
{وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ} أي: افعلوا ما ترجون به ثوابه، فأقيم المسبب مقام السبب. أو المعنى:
اخشوا اليوم، وخافوه، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢١] من سورة (الفرقان) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. وانظر شرح (يوم) في الآية رقم [١٣٥] من سورة (الشعراء) ووصفه بالآخر؛ لأنه آخر يوم من أيام الدنيا، وهو اليوم الذي يقوم فيه الناس من قبورهم للحساب، والجزاء، وهو لا ريب فيه، وانظر شرح:{وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} في الآية رقم [١٨٣] من سورة (الشعراء).
الإعراب:{وَإِلى:} الواو: حرف عطف، {(إِلى مَدْيَنَ)}: جار ومجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: وأرسلنا إلى مدين، وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة. {أَخاهُمْ:} مفعول به للفعل المحذوف منصوب، وعلامة نصبه الألف نيابة عن الفتحة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
{شُعَيْباً:} بدل من {أَخاهُمْ} بدل كل من كل، أو عطف بيان عليه. والواو عطفت قصة شعيب على قصة نوح، وإبراهيم. {فَقالَ:} الفاء: حرف عطف، وتفريع. (قال): فعل ماض، والفاعل يعود إلى (شعيب) تقديره: هو. {يا قَوْمِ:} منادى، انظر تفصيل إعرابه في الآية رقم [٤٦] من سورة (النمل). {اُعْبُدُوا:} فعل أمر، مبني على حذف النون، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل، والألف للتفريق، والجملة الفعلية والندائية قبلها كلتاهما في محل نصب مقول القول. (ارجو): فعل أمر... إلخ، {الْيَوْمَ:} مفعول به. {الْآخِرَ:} صفة له، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. (لا): ناهية جازمة. {تَعْثَوْا:} فعل مضارع مجزوم ب: (لا)، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل، والألف للتفريق. {فِي الْأَرْضِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {مُفْسِدِينَ:} حال من واو الجماعة، وهي مؤكدة للفعل؛ لأنها من معناه، فهو منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وجملة:{وَلا تَعْثَوْا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها فهي في محل نصب مقول القول أيضا، وجملة:{فَقالَ..}.
إلخ معطوفة على الجملة المقدرة بعد الواو لا محل لها مثلها.