للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣)}

الشرح: {أَوَلَمْ يَرَوْا} أي: الكفار، والمشركون المنكرون للبعث بعد الموت، والحساب، والجزاء. {أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ} أي: ولم يتعب ولم يعجز بخلقهن، بل قال لها: كوني، فكانت بلا ممانعة ولا مخالفة، بل طائعة، مجيبة، خائفة، وجلة، أفليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى؟! قال الله عز وجل في سورة (غافر) رقم [٥٧]: {لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ}. هذا؛ ويقال: عيّ بأمره، وعيي:

إذا لم يهتد لوجهه، ومعناهما: العجز، والضعف، قال تعالى في سورة (ق): {أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} وهو مستحيل في حقه تعالى، وهو مجاز مرسل علاقته السببية.

{بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى:} دخلت الباء في خبر: {أَنَّ} لتقدم النفي، والاستفهام، فهو بمعنى: أو ليس. قال الكسائي، والفراء، والزجاج: الباء فيه خلف الاستفهام، والجحد في أول الكلام. وقال الزجاج: والعرب تدخلها مع الجحد، تقول: ما ظننت أن زيدا بقائم، ولا تقول:

ظننت أن زيدا بقائم. {بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ:} قال البيضاوي-رحمه الله تعالى-: هذا تقرير للقدرة على وجه عام، يكون كالبرهان على المقصود، كأنه لما صدّر السورة بتحقيق المبدأ، ختمها بإثبات المعاد. انتهى. بمعنى: أنه قادر على إماتة الخلق، وإحيائهم؛ لأنه قادر على كل شيء. هذا؛ وانظر شرح {بَلى} في (الزخرف) رقم [٨٠].

الإعراب: {أَوَلَمْ:} الهمزة: حرف استفهام توبيخي. الواو: حرف عطف. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَرَوْا:} فعل مضارع مجزوم ب‍: (لم) وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والفعل هنا بمعنى اليقين، فهو قلبي. {أَنَّ:}

حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة للفظ الجلالة. {خَلَقَ:} ماض، والفاعل يعود إلى: {الَّذِي،} وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {السَّماواتِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. {وَالْأَرْضَ:} معطوف على ما قبله. {وَلَمْ:}

الواو: واو الحال. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَعْيَ:} فعل مضارع مجزوم ب‍: (لم) وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الألف، والفتحة قبلها دليل عليها، والفاعل يعود إلى: {الَّذِي} أيضا، والجملة الفعلية في محل نصب حال من فاعل: {خَلَقَ} المستتر، والرابط: الواو، والضمير. {بِخَلْقِهِنَّ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، والنون حرف دالّ على جماعة الإناث.

<<  <  ج: ص:  >  >>