للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستتر فيه. {لَكَنُودٌ:} اللام: هي المزحلقة. (كنود): خبر {إِنَّ،} والجملة الاسمية جواب القسم، لا محل لها، والتي بعدها معطوفة عليها، وإعرابها مثلها بلا فارق. {وَإِنَّهُ:} الواو:

حرف عطف. (إنه): حرف مشبه بالفعل. والهاء اسمها. {لِحُبِّ:} متعلقان ب‍: (شديد)، و (حب): مضاف، و {الْخَيْرِ:} مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف.

{لَشَدِيدٌ:} اللام: هي المزحلقة. (شديد): خبر (إنّ)، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها لا محل لها أيضا. هذا؛ واللام بقوله (لحب) تسمى لام التقوية، انظر ما ذكرته في إعراب قوله تعالى في سورة (البروج) رقم [١٦]: {فَعّالٌ لِما يُرِيدُ} تجد ما يسرك. ولا تنس: أن التأكيد ب‍: (إنّ) واللام في الآيات الثلاث إنما هو زيادة في التقرير، والبيان، وهذا من مباحث علم المعاني.

{أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١)}

الشرح: {أَفَلا:} الهمزة للإنكار، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام؛ أي: أيفعل ما يفعل من القبائح، فلا يعلم إذا بعثر ما في القبور؟! هذا تهديد، ووعيد. هذا؛ والهمزة في الكلمة {أَفَلا} ومثلها {أَفَلَمْ} و {أَوَلَمْ} ونحوهما للإنكار، وهي في نية التأخير عن الفاء، والواو؛ لأنهما حرفا عطف، وكذا تقدم على «ثمّ» تنبيها على أصالتها في التصدير، نحو قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} وقوله جل شأنه: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} وقوله تعالت حكمته: {أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ} وأخواتها تتأخر عن حروف العطف، كما هو قياس أجزاء الجملة المعطوفة، نحو قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ} وقوله تعالى: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} هذا مذهب سيبويه، والجمهور، وخالف جماعة، أولهم الزمخشري، فزعموا: أن الهمزة في الآيات المتقدمة في محلها الأصلي، وأن العطف على جملة مقدرة بينها وبين العاطف، فيقولون: التقدير في {أَفَلَمْ يَسِيرُوا..}. إلخ، {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ..}. إلخ، {أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ..}. إلخ: أمكثوا، فلم يسيروا في الأرض؟ أنهملكم، فنضرب عنكم... إلخ؟! أتؤمنون في حياته، فإن مات... إلخ؟ ويضعفه ما فيه من التكلف، وأنه غير مطرد في جميع المواضع. انتهى. مغني بتصرف.

هذا؛ والفعل {يَعْلَمُ} من المعرفة، لا من العلم اليقيني، والفرق بينهما: أن المعرفة تكتفي بمفعول واحد. قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته: [الرجز]

لعلم عرفان وظن تهمه... تعدية لواحد ملتزمه

بخلافه من العلم اليقيني، فإنه ينصب مفعولين، أصلهما مبتدأ، وخبر، وأيضا: فالمعرفة تستدعي سبق جهل، وأن متعلقها الذوات دون النسب، بخلاف العلم، فإن متعلقه المعاني،

<<  <  ج: ص:  >  >>