للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحل بحركة حرف الجر الزائد، والجملة الاسمية في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الضمير فقط. هذا؛ ويجوز اعتبار: {عاصِمٍ} فاعلا بالجار والمجرور: {لَكُمْ} لاعتماده على النفي، ويكون المعنى والتقدير: ما يوجد لكم عاصم من الله، وعليه: فالجملة فعلية، وهي في محل نصب حال، كما في الوجه الأول، وجملة: {وَمَنْ يُضْلِلِ..}. إلخ مستأنفة، وهي من مقول الرجل المؤمن. وقيل: هي من قول موسى، والأول أقوى وأولى بالاعتبار.

{وَمَنْ يُضْلِلِ... :} إلخ: انظر الإعراب في الآية رقم [٢٣] من سورة (الزمر).

{وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمّا جاءَكُمْ بِهِ حَتّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ (٣٤)}

الشرح: {وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ..}. إلخ: قيل: إن هذا من قول موسى، على نبينا، وعليه ألف سلام وألف صلاة، والمعتمد: أنه من تمام وعظ مؤمن آل فرعون، ذكّرهم قديم عتوهم على الأنبياء، والمراد: بيوسف: الصديق بن يعقوب، فإن فرعونه عاش إلى زمن موسى. قال ابن جريج: هو يوسف بن يعقوب بعثه الله تعالى رسولا إلى القبط بعد موت الملك من قبل موسى بالبينات، وهي الرؤيا. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: هو يوسف بن إفراثيم بن يوسف بن يعقوب أقام فيهم نبيا عشرين سنة. والمعتمد: أن يوسف هو ابن يعقوب، وأن فرعون موسى هو فرعون آخر غير فرعون يوسف. والكلام إنما هو من خطاب الأبناء بما فعل الآباء، كما خاطب اليهود الموجودين في عصر نبينا بما فعل آباؤهم كثيرا وكثيرا. والمراد بالبينات: المعجزات التي ظهرت على يد يوسف الصديق.

وقيل: المراد بها الرؤيا التي رآها يوسف في منامه. وانظر تفصيل ذلك في السورة المسماة باسمه.

{فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمّا جاءَكُمْ بِهِ} أي: من أمر الدين؛ أي: أسلافكم كانوا في شك؛ لأنهم أطاعوا يوسف لما منحه الله من التمكين في مصر بسبب الوزارة التي أسندت إليه، والجاه العظيم الذي أعطاه الله إياه. {حَتّى إِذا هَلَكَ:} مات. {قُلْتُمْ:} لن يبعث الله من بعده رسولا:

ضموا إلى تكذيب رسالة الصديق تكذيبا في رسالة من يأتي بعده، أو جزموا بأن لا يبعث الله بعده رسولا مع الشك في رسالته. وإنما قالوا ذلك على سبيل التشهي، والتمني من غير حجة، ولا برهان عليه، بل قالوا ذلك ليكون لهم أساسا في تكذيب الرسل؛ الذين يأتون بعده.

{كَذلِكَ} أي: مثل ذلك الإضلال. {يُضِلُّ اللهُ} أي: في الكفر، والعصيان، ومخالفة، أوامره. {مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ} أي: متجاوز في الحد؛ الذي رسمه الله تعالى. {مُرْتابٌ:} شاك فيما تشهد به البينات؛ لغلبة الوهم، والانهماك في الكفر، والمعاصي.

<<  <  ج: ص:  >  >>