الشرح:{أَوَلَمْ:} انظر الآية رقم [٦٣]. {يَتَفَكَّرُوا:} التفكر: التأمل، وإعمال الخاطر في عاقبة الأمر. {بِصاحِبِهِمْ:} المراد به سيد الخلق وحبيب الحق صلّى الله عليه وسلّم. وانظر:{أَصْحابُ} في الآية رقم [٣٦]. {جِنَّةٍ:} جنون. {إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِيرٌ مُبِينٌ} أي: ما الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلا منذر للناس من غضب الله وعقابه وموضح لهم ما ينفعهم، وما يضرهم. هذا؛ وانظر إعلال:{مُبِينٌ} في الآية رقم [٥٩](الأنعام). وانظر (جن) في الآية رقم [٧٦] منها تجد ما سيرك.
تنبيه: قال قتادة: ذكر لنا: أن نبي الله محمد صلّى الله عليه وسلّم قام على الصفا ليلا، فجعل يدعو قريشا فخذا فخذا «يا بني فلان، يا بني فلان، إني لكم نذير مبين»، وكان يحذرهم بأس الله ووقائعه، فقال قائلهم: إن صاحبكم هذا لمجنون بات يصوت إلى الصباح، فأنزل الله عز وجل الآية الكريمة، وإنما نسبوه إلى الجنون، وهو بريء منه؛ لأنه صلّى الله عليه وسلّم خالفهم في الأقوال، والأفعال؛ لأنه كان معرضا عن الدنيا، ولذاتها، مقبلا على الآخرة ونعيمها، مشتغلا بالدعاء إلى الله تعالى، وإنذار بأسه ونقمته ليلا ونهارا من غير ملال، ولا ضجر. فعند ذلك نسبوه إلى الجنون، فبرأه الله من الجنون، وهو بريء منه. انتهى خازن، وجمل بتصرف.
الإعراب:{أَوَلَمْ:} الهمزة: حرف استفهام، وتقريع، وتوبيخ. الواو: حرف عطف. لم:
حرف نفي وقلب وجزم. {يَتَفَكَّرُوا:} مضارع مجزوم ب: (لم)، وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية مستأنفة مع الجملة المقدرة المعطوفة عليها على القول الثاني، ومعطوفة على ما قبلها على القول الأول في الواو. {ما:} نافية. {بِصاحِبِهِمْ:}
متعلقان بمحذوف خبر مقدم، والهاء في محل جر بالإضافة. {مِنْ:} حرف جر صلة. {جِنَّةٍ:}
مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به للفعل قبلها المعلق عن العمل لفظا بسبب {ما} النافية. هذا؛ ويجوز أن يكون الكلام قد تم عند قوله:{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا} ثم ابتدأ كلاما آخر. إما استفهام إنكار، وإما نفيا. انتهى جمل. ولا أرى الاستفهام قويّا، وأعتمد الوجه الأول. {إِنْ:} حرف نفي. {هُوَ:} ضمير فصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {إِلاّ:}
حرف حصر. {نَذِيرٌ:} خبر المبتدأ. {مُبِينٌ:} صفة: {نَذِيرٌ،} والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.