و {بَيْنَ:} مضاف، و {الْأُخْتَيْنِ:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنّه مثنّى، والنون عوض من التنوين في الاسم المفرد. {إِلاّ ما قَدْ سَلَفَ:} انظر الآية السّابقة. {أَنْ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {كانَ:} فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر يعود إلى:{اللهَ}. {غَفُوراً رَحِيماً:} خبران ل {كانَ} والجملة الفعلية في محل رفع خبر: {أَنْ}. والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.
الشرح:{وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ:} عطف على المحرّمات المذكورات قبل. والتحصين:
التمنّع، ومنه الحصن؛ لأنّه يمتنع فيه، ومنه قوله تعالى في سورة (الأنبياء): {وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ}. ومنه: الحصان للفرس؛ لأنّه يمنع صاحبه من الهلاك، والحصان: المرأة العفيفة، والحرّة، والمرأة المسلمة الشّريفة. قال حسّان-رضي الله عنه-في الصدّيقة بنت الصدّيق-رضي الله عنها-: [الطويل]
حصان رزان ما تزنّ بريبة... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
والمعنى: حرّمت النساء ذوات الأزواج من النساء، فلا يحلّ لأحد نكاحهنّ قبل مفارقة أزواجهنّ، أو موتهم، وهذه هي السّابعة من النساء، اللاّتي حرمن بالسّبب. قال أبو سعيد الخدري-رضي الله عنه-: نزلت هذه الآية في نساء كنّ هاجرن إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولهنّ أزواج في مكّة، فتزوجن ببعض المسلمين، ثم قدم أزواجهنّ مهاجرين، فنهى الله عن نكاحهنّ. والمراد تحريم نكاح المذكورات فهو على حذف مضاف.
{إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ:} يعني: السّبايا، اللاتي سبين ولهنّ أزواج في دار الحرب، فيحلّ لمالكهنّ وطؤهنّ. فعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم حنين جيشا إلى أوطاس، فأصابوا سبايا لهنّ أزواج من المشركين، فكرهوا غشيانهنّ، فأنزل الله تعالى هذه الآية. أخرجه مسلم. قال الفرزدق في هذا المعنى:[الطويل]
وذات حليل أنكحتها رماحنا... حلال لمن يبني بها لم تطلّق
{كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ:} المعنى: حرمت عليكم أمهاتكم... وكتب عليكم هذا كتابا، بمعنى:
فرضه، وقضى به. وقيل: المعنى: الزموا كتاب الله، واعملوا به، ولا تخرجوا عن حدوده.