للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه: قال بعض المتكلمين: المراد بقوله {حَقًّا عَلَيْنا} الوجوب؛ لأن تخليص الرسول والمؤمنين من العذاب واجب، وأجيب عن هذا بأنه حق واجب من حيث الوعد والحكم؛ لا لأنه واجب بسبب الاستحقاق؛ لأنه قد ثبت: أن العبد لا يستحق على خالقه شيئا. انتهى. خازن.

الإعراب: {ثُمَّ}: حرف عطف. {نُنَجِّي}: مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، وفاعله ضمير مستتر تقديره: «نحن»، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ..}. إلخ لا محل لها مثلها. {رُسُلَنا}: مفعول به، و (نا): في محل جر بالإضافة.

{وَالَّذِينَ}: اسم موصول معطوف على {رُسُلَنا} فهو مبني على الفتح في محل نصب، وجملة: {آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف لا محل لها صلة الموصول. {كَذلِكَ}: جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف، عامله ما بعده، التقدير: ننجي المؤمنين إنجاء كائنا مثل ذلك الإنجاء؛ الذي نجينا الرسل، ومن آمن معهم، هذا؛ وقيل:

الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: الأمر، أو الحال كذلك أفاده ابن عطية وأبو البقاء، والأول أولى وأقوى. {حَقًّا}: فيه أوجه: أحدها: أن يكون منصوبا بفعل مقدر، أي: حق ذلك حقا. والثاني: أن يكون بدلا من المحذوف النائب عنه الكاف، تقديره: الحاصل ذلك حقا. والثالث أن يكون {كَذلِكَ} و {حَقًّا} منصوبين ب‍ {نُنْجِ} الذي بعدهما. والرابع: أن يكون {كَذلِكَ} منصوبا ب‍ {نُنَجِّي} الأول، و {حَقًّا} ب‍ (ننج) الثاني، وقال الزمخشري: مثل ذلك الإنجاء ننجي المؤمنين منكم، ونهلك المشركين، و {حَقًّا عَلَيْنا} اعتراض، يعني: وحق ذلك علينا حقا. انتهى. جمل. {عَلَيْنا}: متعلقان ب‍ {حَقًّا،} أو بمحذوف صفة له، وإعراب: {نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} لا خفاء فيه، والجملة الفعلية مع متعلقاتها مستأنفة لا محل لها، والوقف على «آمنوا» جيد.

{قُلْ يا أَيُّهَا النّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٤)}

الشرح: {قُلْ يا أَيُّهَا النّاسُ}: المراد بالناس: أهل مكة، والمعنى: قل يا محمد لهؤلاء الذين أرسلتك إليهم، فشكوا في أمرك، ولم يصدقوك. {إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي} أي: الذي أدعوكم إليه، وهو التوحيد وعبادة الله، ونبذ عبادة الأصنام، فلا ينبغي لكم أن تشكوا فيه؛ لأنه دين إبراهيم عليه السّلام، وأنتم من ذريته. {فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ} أي: إن أصررتم على ما أنتم عليه من الكفر؛ فأنا بريء منكم، ومن معبوداتكم التي تعبدونها من دون الله.

{وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفّاكُمْ}: فهذا خلاصة ديني اعتقادا، وعملا، فأعرضوها على العقل السليم، وانظروا فيها بعين الإنصاف والحق؛ لتعلموا صحتها. وإنما ذكر (التوفي) للتهديد

<<  <  ج: ص:  >  >>