للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ و «القلب» قطعة صغيرة على هيئة الصّنوبرة، خلقها الله في الآدمي، وجعلها محلاّ للعلم، فيحصي به العبد من العلوم ما لا يسع في أسفار، يكتبه الله فيه بالخط الإلهيّ، ويضبطه بالحفظ الرّباني، حتى يحصيه، ولا ينسى منه شيئا، وهو بين لمّتين: لمة من الملك، ولمة من الشّيطان، كما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وخرّجه الترمذيّ عن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-وقد مضى في الآية رقم [٢٦٩] من سورة (البقرة) وهو محلّ الخطرات، والوساوس، ومكان الكفر، والإيمان، وموضع الإصرار، والإنابة، وموضع الانزعاج، والطمأنينة. وانظر قسوة القلب في الآية رقم [٧٤] من سورة (البقرة).

الإعراب: {أُولئِكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر المبتدأ. {يَعْلَمُ اللهُ:} مضارع، وفاعله. {ما:}

اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. {فِي قُلُوبِهِمْ:} متعلقان بمحذوف صلة الموصول، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها، والعائد الضمير المجرور محلاّ بالإضافة، والجملة الاسمية: {أُولئِكَ} مستأنفة لا محلّ لها.

{فَأَعْرِضْ:} الفاء: هي الفصيحة. (أعرض): فعل أمر مبني على السّكون، والفاعل مستتر تقديره أنت. {عَنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنّها جواب لشرط غير جازم، التقدير: وإذا كان حالهم كذلك؛ فأعرض عنهم. {وَعِظْهُمْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت» والهاء مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها، والتي بعدها معطوفة أيضا عليها. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما.

{فِي أَنْفُسِهِمْ:} متعلقان ب‍ {بَلِيغاً}. وقيل: متعلقان بالفعل: (قل) وهو ضعيف. {قَوْلاً:}

مفعول مطلق. {بَلِيغاً:} صفته.

{وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاِسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوّاباً رَحِيماً (٦٤)}

الشرح: {وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ:} أيّ رسول من المرسلين قبلك يا محمد! {إِلاّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ} يعني: بأمر الله، والمعنى: إنّما وجبت طاعة الرسول بأمر الله؛ لأنّ الله أذن في ذلك، وأمر به. وقيل: معناه: بعلم الله، وقضائه؛ أي: تكون طاعته بإذن الله؛ لأنّه أذن فيه، فتكون طاعة الرسول طاعة لله، ومعصيته معصية لله، ففيه توبيخ، وتقريع للمنافقين الذين تركوا حكم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ورضوا بحكم الطّاغوت. وقال مجاهد-رحمه الله تعالى-: المعنى: لا يطيع أحد إلا من وفّقته لذلك. وقال البيضاوي-رحمه الله تعالى-: وكأنّه احتج بذلك على أنّ الذي لم يرض بحكم الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وإن أظهر الإسلام؛ كان كافرا مستوجبا القتل. وتقريره: أنّ

<<  <  ج: ص:  >  >>