السماء، وليس بسحر، وعرفوا: أن ذلك ليس من قدرة البشر، فعند ذلك خروا سجدا، و {قالُوا آمَنّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ}.
تنبيه: إلقاء العصا، وانقلابها حية وقع مرتين بحضرة فرعون، الأولى كانت سببا في جمع السحرة، والثانية بحضرتهم، فالأولى ذكرت في الآية رقم [٣٢]، والثانية هي المذكورة هنا، ووقع انقلابها مرة ثالثة، ولم يكن هناك أحد غير موسى، وقد ذكرت في سورة (طه)، وفي سورة (القصص) وكانت في طريق عودته من مدين إلى مصر. تأمل.
تنبيه: لقد جرت سنة الله أن يؤيد الرسول بمعجزة من جنس ما برع به قومه، فقوم موسى برعوا بالسحر، فأيده الله بانقلاب العصا حية. وقوم عيسى برعوا بالطب، فأيده الله بإبراء الأكمه، والأبرص، وإحياء الموتى، وقوم محمد-صلّى الله عليه، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وسلم- برعوا بالفصاحة والبلاغة، فأيده الله بالقرآن الكريم؛ الذي أسكت فصحاءهم، وأخرس بلغاءهم.
الإعراب:{فَأَلْقى:} الفاء: حرف استئناف. (ألقى): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر. {مُوسى:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف. {عَصاهُ:}
مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، وجملة:{فَأَلْقى..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {فَإِذا هِيَ:} انظر الآية رقم [٣٢].
{تَلْقَفُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى:{عَصاهُ}. {ما:} تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: تلقف الذي، أو شيئا يأفكونه، وعلى اعتبار {ما} مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل نصب مفعول به، التقدير: تلقف إفكهم، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو {هِيَ}.
{فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (٤٦)}
الشرح: إن السحرة لما عاينوا من عظيم قدرة الله تعالى ما ليس في قدرتهم مقابلته، وعلموا أنه ليس بسحر خروا لله ساجدين، وذلك أن الله تعالى ألهمهم معرفته والإيمان به، وفيه دليل على أن منتهى السحر تمويه وتزويق وتخييل بشيء لا حقيقة له، وأن التبحر في كل فن نافع للإنسان، وإنما بدل الخرور بالإلقاء ليشاكل ما قبله، ويدل على أنهم لما رأوا ما رأوا؛ لم يتمالكوا أنفسهم، فكأنهم أخذوا وطرحوا على وجوههم، وأنه تعالى ألقاهم بما خولهم من التوفيق.
الإعراب:{فَأُلْقِيَ:} الفاء: حرف استئناف. (ألقي): فعل ماض مبني للمجهول. {السَّحَرَةُ:}
نائب فاعله. {ساجِدِينَ:} حال منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الفعلية:{فَأُلْقِيَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.