للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلكه الله به. وقد رأينا من تعزز بأولاده فكانوا وبالا عليه بعقوقهم له، ومن تعزز بما له كان هلاكه بسببه.

الإعراب: {فَلَمّا:} الفاء: حرف استئناف. (لما): انظر الآية رقم [٣٠]. {آسَفُونا:}

ماض، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (لما) إليها على اعتبارها ظرفا، ولا محلّ لها على اعتبار (لما) حرفا. {اِنْتَقَمْنا:} فعل، وفاعل. {مِنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية لا محلّ لها جواب (لما)، و (لما) ومدخولها كلام مستأنف لا محلّ له. {فَأَغْرَقْناهُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة معطوفة على جملة: {اِنْتَقَمْنا مِنْهُمْ} ومفسرة لها. {أَجْمَعِينَ:} توكيد للضمير المنصوب مع الميم، فهو منصوب، وعلامة نصبه الياء؛ لأنّه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

{فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ (٥٦)}

الشرح: {فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ} يعني: جعلنا المتقدمين الماضين من فرعون، وقومه عبرة، وموعظة لمن يجيء بعدهم، ومثلا يضرب بهم الأمثال، ويقال: مثلكم مثل قوم فرعون.

الإعراب: {فَجَعَلْناهُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعوله الأول. {سَلَفاً:} مفعوله الثاني، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ} لا محلّ لها مثلها. {وَمَثَلاً:} معطوف على:

{سَلَفاً}. {لِلْآخِرِينَ:} متعلقان بمحذوف صفة ل‍: (مثلا) وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة لأنّه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

{وَلَمّا ضُرِبَ اِبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧)}

الشرح: لما قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على قريش قوله تعالى في سورة (الأنبياء) رقم [٩٨]:

{إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} امتعضوا امتعاضا شديدا، فقال عبد الله بن الزّبعرى: يا محمد! أخاصة لنا، ولآلهتنا، أم لجميع الأمم، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «هو لكم، ولآلهتكم، ولجميع الأمم». فقال: خصمتك ورب الكعبة! ألست تزعم: أنّ عيسى ابن مريم نبي، وتثني عليه خيرا، وعلى أمه، وقد علمت: أن النصارى يعبدونهما، وعزير يعبد، والملائكة يعبدون؛ فإن كان هؤلاء في النار، فقد رضينا أن نكون نحن، وآلهتنا معهم! ففرحوا، وضحكوا، وسكت النبي صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله تعالى في سورة (الأنبياء) الآية رقم [١٠١]: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ} والمعنى: ولما ضرب عبد الله بن الزّبعرى عيسى ابن مريم مثلا، وجادل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعبادة النصارى إياه {إِذا قَوْمُكَ} قريش من هذا المثل {يَصِدُّونَ} ترتفع لهم جلبة، وضجيج فرحا، وجذلا، وضحكا بما سمعوا منه من إسكات

<<  <  ج: ص:  >  >>