للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يعذّب ناس من أهل التوحيد في النّار حتى يكونوا حمما، ثم تدركهم الرحمة، قال: فيخرجون، فيطرحون على أبواب الجنّة، قال: فيرشّ عليهم أهل الجنة من الماء، فينبتون كما تنبت الحبّة في حمالة السيل». أخرجه الترمذي. فدلت الآية الأولى على أنّ الكل دخلوا النار، ودلت الآية الثانية، والأحاديث: أن الله تعالى أخرج منها المتقين، وجميع الموحدين، وترك فيها الظالمين، وهم المشركون. انتهى.

خازن بتصرف كبير. والمأخوذ من تلك الأحاديث الشريفة: أن مرتكب الذنوب والمعاصي يعاقب بقدر ذنبه، ثم ينجو. وقالت المرجئة: لا يدخل النار موحد مهما فعل من سيئات، وهذا قول يضرب به عرض الحائط، وحديث جابر المذكور أصدق دليل لأهل السنّة والجماعة.

الإعراب: {ثُمَّ:} حرف عطف على ضم الثاء، وظرف مكان مبني على الفتح على فتحها متعلق بالفعل بعده. {نُنَجِّي:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره: «نحن». {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. {اِتَّقَوْا:}

ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة التي هي فاعله، والألف للتفريق، والمفعول محذوف، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، وجملة:

{نُنَجِّي..}. إلخ معطوفة على جملة {كانَ} أو هي مستأنفة على الوجه الثاني في {ثُمَّ،} لا محل لها على الاعتبارين. {وَنَذَرُ:} مضارع والفاعل تقديره: «نحن». {الظّالِمِينَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء. {فِيها:} متعلقان بالفعل نذر، أو هما متعلقان ب‍: {جِثِيًّا}. {جِثِيًّا:} حال من {الظّالِمِينَ،} أو هو مفعول به ثان ل‍: (نذر)، وجملة: {وَنَذَرُ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.

{وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣)}

الشرح: {وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ} أي: على كفار قريش. {آياتُنا بَيِّناتٍ:} مرتلات الألفاظ، ملخصات المعاني، مبينات المقاصد. {قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: مشركو قريش. وأظهر في مقام الإضمار زيادة في التشنيع عليهم. {لِلَّذِينَ آمَنُوا} أي: فقراء أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكانت فيهم قشافة، وفي عيشهم خشونة، وفي ثيابهم رثاثة، وكان المشركون في رغد من العيش، وسعة في الرزق. {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ} أي: المؤمنين، والكافرين. {خَيْرٌ مَقاماً} أي: أفضل، وأعلى منزلا، ومسكنا. وقيل: المقام: الموضع الذي يقام فيه بالأمور الجليلة، أي أيّ الفريقين أكثر جاها، وأنصارا؟ {وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} أي: مجلسا، والندي: مجلس القوم، ومتحدثهم، وكذلك الندوة، والنادي. ومنه: دار الندوة التي كان كفار قريش يتشاورون فيها في أمورهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>