بعبادته. {وَإِنَّ رَبَّكُمُ:} الحقيقي المستحق للعبادة هو المسمى: {الرَّحْمنُ}. {فَاتَّبِعُونِي:} في عبادة الرحمن. {وَأَطِيعُوا أَمْرِي:} في ترك عبادة العجل.
قال الخازن-رحمه الله تعالى-: اعلم: أن هارون عليه السّلام سلك في هذا الوعظ أحسن الوجوه؛ لأنه زجرهم أولا عن الباطل بقوله: {إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ} ثم دعا إلى معرفة الله تعالى بقوله: {وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ} ثم دعاهم إلى معرفة النبوة بقوله: {فَاتَّبِعُونِي} ثم دعاهم إلى اتباع الشرائع بقوله: {وَأَطِيعُوا أَمْرِي} فهذا هو الترتيب الجيد؛ لأنه لا بد من إماطة الأذى عن الطريق، وهي إزالة الشبهات، ثم معرفة الله، فإنها هي الأصل، ثم النبوة، ثم الشريعة، وإنما قال: {وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ} فخص هذا الموضع بهذا الاسم؛ لأنه ينبههم على أنهم متى تابوا؛ قبل الله توبتهم؛ لأنه هو التواب الرحيم. فقابلوا هذا القول بالإصرار، والجحود. انتهى.
الإعراب: {وَلَقَدْ:} الواو: حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف، تقديره: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره: أقسم. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٧]. واللام:
واقعة في جواب القسم. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {قالَ:} ماض.
{لَهُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {هارُونُ:} فاعل. {مِنْ قَبْلُ:} متعلقان بالفعل قبلهما وقيل:
متعلقان بمحذوف حال، وليس بشيء، وبني {قَبْلُ} على الضم لقطعه عن الإضافة لفظا لا معنى.
{يا قَوْمِ:} انظر إعراب (رب) في الآية رقم [٢٥] ففيه الكفاية. {إِنَّما:} كافة ومكفوفة.
{فُتِنْتُمْ:} ماض مبني على السكون مبني للمجهول، والتاء نائب فاعله. {بِهِ:} متعلقان بما قبلهما. {وَإِنَّ:} الواو: واو الحال. (إنّ): حرف مشبه بالفعل. {رَبَّكُمُ:} اسمها، والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {الرَّحْمنُ:} خبر (إنّ)، والجملة الاسمية في محل نصب حال من تاء الفاعل، والرابط: الواو، والضمير. {فَاتَّبِعُونِي:}
الفاء: هي الفصيحة. وانظر الآية رقم [١٢]. (اتبعوني): أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم، التقدير: وإذا كان ما قلته صحيحا فاتبعوني، وجملة: {وَأَطِيعُوا..}. إلخ معطوفة عليها لا محل لها. {أَمْرِي:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم... إلخ، والياء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. هذا؛ والكلام:
{يا قَوْمِ..}. إلخ كله في محل نصب مقول القول، وجملة: {وَلَقَدْ قالَ..}. إلخ جواب القسم لا محل لها، والقسم وجوابه كلام مستأنف، لا محل له، وفيه معنى التأكيد للكلام السابق.
{قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى (٩١)}
الشرح: {قالُوا} أي: مجيبين لهارون عليه السّلام. {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ:} لا نزال مقيمين على عبادة العجل. {حَتّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى:} كأنهم قالوا: لن نقبل حجتك؛ حتى يعود