للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنفس. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {رَبَّكُمْ:} اسم {إِنَّ،} والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {لَرَؤُفٌ:} خبر {إِنَّ،} واللام هي المزحلقة. {رَحِيمٌ:} خبر ثان، والجملة الاسمية: {إِنَّ رَبَّكُمْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (٨)}

الشرح: {وَالْخَيْلَ:} اسم جمع لا واحد له من لفظه، ويجمع على: خيول، والخيل مؤنثة؛ لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها؛ إذا كانت لغير الآدميين. مثل: خيل، وغنم، وإبل، فالتأنيث لها لازم، وإذا قالوا: خيلان، وغنمان، وإبلان، فإنما يريدون قطيعين من الخيل، والغنم، والإبل، وسميت الخيل خيلا لاختيالها في مشيها؛ أي: فإنها تمشي مشية المختال؛ أي: المتكبر.

{وَالْبِغالَ:} جمع: بغل، ومؤنثه: بغلة، وهو حيوان معروف، مركب من الفرس والحمار، ولذلك كان له صلابة الحمار، وعظم الخيل، وهو لا نسل له، أبوه الحمار، وأمّه الفرس، وإن كان بالعكس فهو «النّغل» بالنون، وهو دون البغل في الجثة والعظم.

روى ابن عساكر في تاريخ دمشق عن عليّ بن أبي طالب-رضي الله عنه-أن البغال كانت تتناسل، فدعا عليها إبراهيم عليه الصلاة والسّلام؛ لأنها كانت تسرع في نقل الحطب لنار المنجنيق، فقطع الله نسلها، والبغل شرس الطباع؛ لأنه وجد به الأعراق المتضادة، والأخلاق المتباينة، والعناصر المتباعدة، وكل عضو منه متوسط بين الفرس، والحمار. {وَالْحَمِيرَ:}

جمع: حمار، وهو معروف، يكون وحشيا، ويكون أهليا، وأنثاه أتان، ويقال: حمارة أيضا، ويجمع على: حمير: وحمر، وحمور، وحمرات، وكلّها للكثرة، ويجمع جمع قلة على أحمرة، قال الراعي النميري، أو القتّال الكلابي: [البسيط]

هنّ الحرائر لا ربّات أحمرة... سود المحاجر، لا يقرأن بالسّور

وحمير ورد في هذه الآية، وفي قوله تعالى: {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} وحمر ورد في قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} والحمار الأهلي يوصف بالهداية إلى سلوك الطرقات التي مشى فيها، ولو مرّة واحدة، وبحدة السمع، وللناس في مدحه وذمه أقوال متباينة بحسب الأغراض، وقد أطال الدميري الكلام فيه.

{لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً} أي: خلق الخيل، والبغال، والحمير للركوب، والزينة مع المنافع الأخرى المستفادة منها، كحمل الأثقال، والتناسل. {وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ:} ذكر المفسرون من ذلك أنواع الحشرات، والهوام الموجودة في أسافل الأرض، والبر، والبحر، ممّا لم يره البشر،

<<  <  ج: ص:  >  >>