للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجه الثالث من الأوجه الأولى: أنه مجزوم بلام محذوفة، التقدير: ليغفروا، فهو أمر مستأنف، وجاز حذف اللام لدلالة {قُلْ} على الأمر. وهذه التوجيهات أخذتها من إعراب الآية رقم [٣١] من سورة (إبراهيم) على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، بالمقايسة بين ما هنا وهناك فإن التعبير في الآيتين واحد، ولم يذكر أحد شيئا في إعراب الآية هنا، وما هنا منقول عن أبي البقاء العكبري، ومكي بن أبي طالب القيسي مع الإشارة إلى ما ذكره ابن هشام في مغنيه، رحم الله الجميع رحمة واسعة، وشملنا معهم ببره وإحسانه، وفضله، وكرمه، وجوده!

هذا؛ و {يَغْفِرُوا} مجزوم على جميع الوجوه المذكورة، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية مستأنفة، أو في محل نصب مقول القول على حسب الوجوه المعتبرة فيها، وجملة: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{لِلَّذِينَ:} متعلقان بما قبلهما. {لا:} نافية. {يَرْجُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {أَيّامَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {لِيَجْزِيَ:} فعل مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل تقديره:

«هو»، أو نحن، وعلى قراءته بالبناء للمجهول ورفع (قوم) فهو نائب فاعله، وعلى قراءته بالنصب، فهو مفعول به، والجار والمجرور (بما) نائب فاعله، وهذا على مذهب الكوفيين الذين يجيزون إقامة غير المفعول مقام الفاعل مع وجود المفعول، واستدلوا بهذه القراءة وهي قراءة أبي جعفر، وهي ليست من السبعة. وقال الكسائي: معناه: ليجزي الجزاء قوما، وهذا يعني: أنّ نائب الفاعل مصدر الفعل المقدر. هذا؛ و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل: {قُلْ}. هذا؛ و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية. {كانُوا:} فعل ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق. {يَكْسِبُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب خبر:

{كانُوا،} والجملة الفعلية صلة (ما)، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: بالذي، أو بشيء كانوا يكسبونه، وعلى اعتبار (ما) مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بالباء، التقدير: بكسبهم، والجار والمجرور متعلقان بالقول، أو بقول محذوف مقدّر دال عليه الأمر. هذا؛ والقوم هم المؤمنون، أو الكافرون، أو كلاهما فيكون التنكير للتعظيم، أو التحقير، أو التنويع. تأمل، وتدبر.

{مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١٥)}

الشرح: لما ذكر الله إجمالا: أنّ المرء يجزى بكسبه؛ بيّن أن من كسب صالحا، كالعفو عن المسيء؛ فإنه يثاب، وأنه هو المنتفع بكسبه، ومن كسب الإساءة؛ يعاقب، ويتضرر به. ثم بين: أنّ ذلك النفع، والضرر إنما يكون يوم الرجوع إلى الله. انتهى. جمل نقلا من زاده.

<<  <  ج: ص:  >  >>