للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تفضحنا، ولا تهنّا، ولا تمقتنا يوم القيامة. {إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ} أي: بإثابة المؤمن المطيع، وإجابة الدّاعي، وتحقيق النصر، وتوفير العزّة، والكرامة للمؤمنين. وفيه: أنّهم دعوا بهذا الدّعاء على جهة العبادة، والخضوع، والتوكيد لما تقدّم، كقوله تعالى في آخر سورة (الأنبياء): {قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} ومعلوم: أنه سبحان لا يقضي، ولا يحكم إلا بالحقّ. هذا وانظر الوعد في الآية رقم [٥١]: من سورة (البقرة) فإنّه جيد، والحمد لله!

الإعراب: {رَبَّنا:} تقدم إعرابها. ({آتِنا}): فعل دعاء مبني على حذف حرف العلّة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره: أنت، و (نا) مفعول به أوّل.

{ما:} تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنيّة على السّكون في محل نصب مفعول به ثان.

{وَعَدْتَنا:} فعل، وفاعل، ومفعول به أول، والجملة الفعلية صلة: {ما} أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف، التقدير: آتنا الذي، أو: شيئا وعدتناه. {عَلى رُسُلِكَ:} متعلقان بما قبلهما ويجوز أن يكونا متعلقين بمحذوف حال؛ أي: منزلا، أو محمولا على لسان رسلك، والكاف في محل جرّ بالإضافة، وجملة: {وَآتِنا..}. إلخ معطوفة على جملة: (اغفر...) إلخ لا محلّ لها مثلها. {وَلا تُخْزِنا:} الواو: حرف عطف. لا ناهية جازمة. تخزنا: فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وعلامة جزمه حذف حرف العلة... إلخ، والفاعل تقديره: أنت، و (نا) مفعول به.

{يَوْمَ:} ظرف زمان متعلق بما قبله، و {يَوْمَ} مضاف، و {الْقِيامَةِ} مضاف إليه، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {إِنَّكَ:} حرف مشبّه بالفعل، والكاف اسمه، والجملة الفعلية: {لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ} في محل رفع خبر: (إنّ)، والجملة الاسمية تعليل للدّعاء لا محلّ لها، وجملة الكلام في محل نصب مقول القول.

{فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ (١٩٥)}

الشرح: {فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ:} أي: فأجاب الله دعاءهم، وأعطاهم سؤلهم. {أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ} أي: لا أحبط، ولا أبطل عملكم أيها المؤمنون، بل أثيبكم عليه. {مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى} أي: لا أضيع عمل عامل منكم ذكرا كان، أو أنثى. فعن أمّ سلمة-رضي الله عنها- قالت: قلت يا رسول الله! ما أسمع الله تعالى ذكر النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله تعالى:

{أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ..}. إلخ. أخرجه الترمذيّ، وغيره. {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} يعني: في

<<  <  ج: ص:  >  >>