ولا تفضحنا، ولا تهنّا، ولا تمقتنا يوم القيامة. {إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ} أي: بإثابة المؤمن المطيع، وإجابة الدّاعي، وتحقيق النصر، وتوفير العزّة، والكرامة للمؤمنين. وفيه: أنّهم دعوا بهذا الدّعاء على جهة العبادة، والخضوع، والتوكيد لما تقدّم، كقوله تعالى في آخر سورة (الأنبياء): {قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} ومعلوم: أنه سبحان لا يقضي، ولا يحكم إلا بالحقّ. هذا وانظر الوعد في الآية رقم [٥١]: من سورة (البقرة) فإنّه جيد، والحمد لله!
الإعراب:{رَبَّنا:} تقدم إعرابها. ({آتِنا}): فعل دعاء مبني على حذف حرف العلّة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره: أنت، و (نا) مفعول به أوّل.
{ما:} تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنيّة على السّكون في محل نصب مفعول به ثان.
{وَعَدْتَنا:} فعل، وفاعل، ومفعول به أول، والجملة الفعلية صلة:{ما} أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف، التقدير: آتنا الذي، أو: شيئا وعدتناه. {عَلى رُسُلِكَ:} متعلقان بما قبلهما ويجوز أن يكونا متعلقين بمحذوف حال؛ أي: منزلا، أو محمولا على لسان رسلك، والكاف في محل جرّ بالإضافة، وجملة:{وَآتِنا..}. إلخ معطوفة على جملة:(اغفر...) إلخ لا محلّ لها مثلها. {وَلا تُخْزِنا:} الواو: حرف عطف. لا ناهية جازمة. تخزنا: فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وعلامة جزمه حذف حرف العلة... إلخ، والفاعل تقديره: أنت، و (نا) مفعول به.
{يَوْمَ:} ظرف زمان متعلق بما قبله، و {يَوْمَ} مضاف، و {الْقِيامَةِ} مضاف إليه، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {إِنَّكَ:} حرف مشبّه بالفعل، والكاف اسمه، والجملة الفعلية:{لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ} في محل رفع خبر: (إنّ)، والجملة الاسمية تعليل للدّعاء لا محلّ لها، وجملة الكلام في محل نصب مقول القول.
الشرح:{فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ:} أي: فأجاب الله دعاءهم، وأعطاهم سؤلهم. {أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ} أي: لا أحبط، ولا أبطل عملكم أيها المؤمنون، بل أثيبكم عليه. {مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى} أي: لا أضيع عمل عامل منكم ذكرا كان، أو أنثى. فعن أمّ سلمة-رضي الله عنها- قالت: قلت يا رسول الله! ما أسمع الله تعالى ذكر النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله تعالى:
{أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ..}. إلخ. أخرجه الترمذيّ، وغيره. {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} يعني: في