للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدّين، والنصرة، والمولاة، والأحكام، والطاعة لله، وفي العقاب أيضا على الإساءة. وفي قوله تعالى: {مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى} طباق وهو من المحسّنات البديعية.

{فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا..}. إلخ: يعني: المهاجرين الذين هجروا أوطانهم، وأهليهم، وآذاهم المشركون بسبب إسلامهم، ومتابعتهم للرّسول صلّى الله عليه وسلّم. ومعنى {فِي سَبِيلِي:} في طاعتي ودينين وابتغاء مرضاتي، وهم المهاجرين؛ الذين أخرجهم المشركون من مكّة، فهاجروا إلى الحبشة، ثمّ إلى المدينة.

{وَقُتِلُوا} أي: أعداء الله. {وَقُتِلُوا} أي: استشهدوا في سبيل الله، وجهاد الكفار.

{لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ:} لأمحونّ عنهم ذنوبهم، ولأغفرنّها لهم. {وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ} يعني: الذي أعطاهم الله إيّاه من تكفير سيئاتهم، وإدخالهم الجنة، ذلك ثواب، وجزاء من فضل الله، وإحسانه إليهم. {وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ:} هذا تأكيد لكون الثواب الذي أعطاهم من فضله وكرمه. وأضافه إليه، ونسبه سبحانه إليه؛ ليدلّ على أنّه عظيم؛ لأنّ العظيم الكريم لا يعطي إلا جزيلا كثيرا، كما قال الشاعر: [الخفيف]

إن يعذّب يكن غراما وإن يع‍... ط جزيلا فإنّه لا يبالي

فقد روى ابن جرير الطّبري بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنه-قال:

سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ أوّل ثلّة تدخل الجنّة فقراء المهاجرين، الّذين يتّقى بهم المكاره، إذا أمروا؛ سمعوا، وأطاعوا، وإن كانت لرجل منهم حاجة إلى سلطان؛ لم تقض له حتّى يموت، وحاجته في صدره، فإنّ الله يدعو الجنّة يوم القيامة، فتأتي بزخرفها، وزينتها، فيقول: أين عبادي الّذين قاتلوا في سبيلي، وقتلوا، وأوذوا في سبيلي، وجاهدوا في سبيلي، أدخلوا الجنّة! فيدخلونها بغير حساب، ولا عذاب، فتأتي الملائكة، فيسجدون، ويقولون: ربّنا نحن نسبّح لك اللّيل، والنّهار، ونقدّس لك، من هؤلاء الّذين آثرتهم علينا، فيقول الرّبّ عزّ وجلّ: هؤلاء عبادي الّذين قاتلوا في سبيلي، وأوذوا في سبيلي! فتدخل عليهم الملائكة من كلّ باب، يقولون لهم: سلام عليكم بما صبرتم، فنعم عقبى الدّار». انتهى خازن.

الإعراب: {فَاسْتَجابَ:} الفاء: حرف استئناف. (استجاب): فعل ماض. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {رَبُّهُمْ:} فاعل، والهاء في محل جرّ بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الفعلية مستأنفة لا محلّ لها. أنّي: حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم في محل نصب اسمها. {لا:} نافية. {أُضِيعُ:} فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره: أنا. {عَمَلَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {عَمَلَ} مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله. {مِنْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة: {عَمَلَ}. {مِنْ ذَكَرٍ:} بدل من قوله.

{مِنْكُمْ} وهو بدل الشيء من الشيء، وهما لعين واحدة، ويجوز أن يكونا متعلقين بمحذوف

<<  <  ج: ص:  >  >>