للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من: {شَراباً،} وهو الأحسن؛ لأن الكلام تام منفي. (غساقا): معطوف عليه. {جَزاءً:} مفعول مطلق، عامله محذوف، التقدير: جوزوا جزاء، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، أو هي في محل نصب حال من واو الجماعة، وتحتاج إلى تقدير: «قد» قبلها. {وِفاقاً:} صفة: {جَزاءً}.

{إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذّاباً (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاّ عَذاباً (٣٠)}

الشرح: {إِنَّهُمْ} أي: الطاغين الكافرين. {كانُوا لا يَرْجُونَ:} لا يخافون. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٣] من سورة (نوح) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

{حِساباً} أي: محاسبة لأعمالهم؛ أي: إنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث، فيخافون الحساب، والجزاء، والعقاب. {وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذّاباً} أي: بما جاءت به الأنبياء. وقيل: بما أنزلنا من الكتب. و {كِذّاباً} بمعنى: تكذيبا. و «فعّال» بمعنى «تفعيل» مطرد شائع في كلام الفصحاء، وهي قراءة العامة. قال الفراء: هي لغة يمانية فصيحة، يقولون: كذّبت به كذّابا، وخرقت القميص خرّاقا. وكل فعل في وزن: فعّل؛ فمصدره: «فعّال» مشدد في لغتهم. هذا؛ وقرأ علي-رضي الله عنه-: «(كذابا)» بالتخفيف، وهو مصدر أيضا. وقال أبو علي الفارسي: التخفيف، والتشديد جميعا مصدر المكاذبة، كقول الأعشى: [مجزوء الكامل]

فصدقتها وكذبتها... والمرء ينفعه كذابه

ومثله قول الآخر: [الطويل]

وإنّ مديح النّاس حقّ وباطل... ومدحك حقّ ليس فيه كذاب

وقال الزمخشري: هو مثل قوله تعالى في سورة (نوح) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام: {وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً} وهذا يعني: أنه اسم مصدر، لا مصدر؛ لأنه نقص عن حروف فعله لفظا، وتقديرا بدون تعويض، مثل: سلام، وكلام، وعذاب. {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً} أي: بيناه، وأثبتناه في كتاب، وهو اللوح المحفوظ. وقيل: معناه: وكل شيء علمناه علما لا يزول، ولا يتغير، ولا يتبدل. والمعنى: أنا عالم بجميع ما فعلوه من خير، وشر، وأنا أجازيهم على قدر أعمالهم جزاء وفاقا. قال تعالى في سورة (القمر): {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ،} وقال تعالى في سورة (الانفطار): {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (١٠) كِراماً كاتِبِينَ}.

{فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاّ عَذاباً:} قال أبو برزة-رضي الله عنه-سألت النبي صلّى الله عليه وسلّم عن أشد آية في القرآن، فقال: قوله تعالى: {فَذُوقُوا فَلَنْ..}. إلخ؛ أي: {كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها} رقم [٥٦] من سورة (النساء)، وقوله تعالى في سورة (الإسراء) رقم [٩٧]: {مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ}

<<  <  ج: ص:  >  >>