للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، وجملة: {عَمِلُوا السَّيِّئاتِ} صلة الموصول، لا محل لها. {إِلاّ:} حرف حصر. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به ثان، وهي في الأصل مضاف إليه، والمضاف محذوف.

التقدير: إلا مثل الذي، أو: مثل شيء، والجملة بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف. {كانُوا:} فعل ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق، وجملة: {يَعْمَلُونَ} مع المفعول المحذوف في محل نصب خبر (كان).

هذا؛ وإن اعتبرت {ما} مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر في محل نصب مفعول به ثان.

وهو في الأصل مضاف إليه. والمضاف محذوف، التقدير: إلا مثل عملهم، والجملة الفعلية:

{فَلا يُجْزَى..}. إلخ في محل جزم جواب الشرط، وخبر المبتدأ الذي هو {مَنْ} مختلف فيه، فقيل: هو جملة الشرط، وقيل: جملة الجواب، وقيل: الجملتان، وهو المرجح لدى المعاصرين.

هذا؛ وإن اعتبرت {مَنْ} اسما موصولا فتكون جملة: {جاءَ بِالسَّيِّئَةِ} صلتها، وجملة:

(لا يجزى...) إلخ في محل رفع خبرها، ودخلت الفاء على خبرها؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم، والجملة الاسمية على الاعتبارين معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.

{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨٥)}

الشرح: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ:} أوجب عليك تلاوته، وتبليغه والعمل به، والمعنى: إن الذي حملك صعوبة هذا التكليف لمثيبك عليها ثوابا، لا يحيط به الوصف. {لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ:} أيّ معاد! وهو المقام المحمود الذي وعدك أن يبعثك فيه. وعن أبي سعيد الخدري، وابن عباس-رضي الله عنهما-: لرادك إلى الجنة؛ لأنه دخلها ليلة الإسراء، والمعراج. وقيل:

لأن أباه آدم خرج منها.

هذا؛ وقول آخر: {لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ} إلى مكة، وهو قول جابر بن عبد الله، وابن عباس، ومجاهد، وغيرهم. قال مقاتل: خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم من الغار ليلا مهاجرا إلى المدينة في غير الطريق مخافة الطلب، فلما رجع إلى الطريق، ونزل بالجحفة، عرف الطريق إلى مكة، فاشتاق إليها، فنزل جبريل الأمين-عليه السّلام-فقال له: أتشتاق إلى مكة؟ قال: نعم، فأوحاها إليه. قال القتبي: معاد الرجل بلده؛ لأنه ينصرف منه، ثم يعود، وعليه فالآية الكريمة ليست مكية، ولا مدنية؛ لأنها نزلت بالجحفة. وفيها يتجلى مقدار الحب، والحنين للأوطان، ومما يؤكد هذا قوله تعالى في سورة (النساء) رقم [٦٦]، {وَلَوْ أَنّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ} حيث سوى الله بين قتل أنفسهم، وبين الخروج من ديارهم. وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>