للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا من الخطاب المتلون الذي يفتح بالتوحيد، ويختم بالجمع، كقوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ} ونحوه، وقيل: رجع إلى كل واحد من البيوت، وقيل: هو كقوله تعالى: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً}.

{أَذِنَ:} ماض. {اللهُ:} فاعله. {أَنْ:} حرف مصدري ونصب. {تُرْفَعَ:} مضارع مبني للمجهول، منصوب ب‍: {أَنْ}. ونائب الفاعل يعود إلى {بُيُوتٍ} و {أَنْ} والمضارع في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: في رفعها. والجار والمجرور متعلقان بالفعل:

{أَذِنَ،} وجملة: {أَذِنَ..}. إلخ في محل جر صفة (بيوت). {وَيُذْكَرَ:} معطوف على ما قبله منصوب مثله، وهو مبني للمجهول أيضا. {فِيهَا:} متعلقان بالفعل قبلهما. {اِسْمُهُ:} نائب فاعل. {يُسَبِّحُ:} مضارع، فعلى قراءته بالبناء للمعلوم فاعله {رِجالٌ}. وعلى قراءته بالبناء للمجهول، فنائب الفاعل متعلّق أحد المجرورات بعده، والأول أولى، لاحتياج العامل إلى مرفوعه فالذي يليه أولى، وعلى هذا فالوقف على (الآصال) و {فِيها بِالْغُدُوِّ:} كلاهما متعلقان بالفعل قبلهما، وعلى هذا ف‍: {رِجالٌ} فيه وجهان: أحدهما: هو مبتدأ مؤخر، والخبر متعلق {فِي بُيُوتٍ} وهذا وجه رأيته فيما سبق. والثاني: هو فاعل لفعل محذوف لدلالة ما قبله عليه، التقدير: يسبحه رجال، وهذه الجملة وقعت جوابا لسؤال مقدر، فكأن سائلا سأل: من يسبحه؟ فقيل: يسبحه رجال، وقيل: هو خبر مبتدأ محذوف، التقدير: المسبح لله تعالى رجال، وتبقى الجملة الاسمية جوابا للسؤال المقدر، ومثل هذه الآية قول نهشل بن حري، ونسب لغيره، وهو الشاهد رقم [١٩٣] من كتابنا فتح رب البرية، والشاهد رقم [١٠٤٨] من كتابنا فتح القريب المجيب: [الطويل]

ليبك يزيد ضارع لخصومة... ومختبط ممّا تطيح الطوائح

إذ التقدير: يبكيه ضارع، وجملة: {يُسَبِّحُ لَهُ..}. إلخ في محل نصب حال من نائب فاعل ترفع المستتر، والرابط: الضمير المجرور بقوله {فِيهَا} وقيل: صفة ثانية لبيوت.

{رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ (٣٧)}

الشرح: {رِجالٌ:} جمع: رجل. مأخوذ من الرجولة، وهي البطولة، والشهامة، وغيرهما، والمرأة مأخوذة من المرء، وهو الرجل؛ لأنها خلقت منه، وجعلت نهمتها فيه. {لا تُلْهِيهِمْ:}

لا تشغلهم. {تِجارَةٌ:} قيل: خص التجارة بالذكر؛ لأنها أعظم ما يشتغل به الإنسان عن الصلوات، والطاعات. وأراد بالتجارة: الشراء، وإن كان اسم التجارة يقع على البيع، والشراء جميعا؛ لأنه ذكر البيع بعده، وقيل: التجارة لأهل الجلب، والبيع ما باعه الرجل على يده. {وَلا بَيْعٌ} أي: لا يشغلهم بيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>