تنبيه: من حذف الأول لدلالة الثاني عليه قول الشاعر، وهو الشاهد رقم [٨٥٧] من كتابنا:
«فتح القريب المجيب»: [الطويل] خليليّ، هل طبّ فإنّي وأنتما... وإن لم تبوحا بالهوى-دنفان
ومن حذف الثاني لدلالة الأول عليه قول ضابئ بن الحارث البرجمي، وهو الشاهد رقم [٨٥٨] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الطويل] فمن يك أمسى بالمدينة رحله... فإنّي وقيّار بها لغريب
{قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمّا تَعْمَلُونَ (٢٥)}
الشرح:{قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمّا أَجْرَمْنا} أي: اكتسبنا من الذنوب، والآثام، ولا تؤاخذون به. (لا تسئل عما تعملون) أي: ولا نؤاخذ، ولا نسأل عن عملكم. ومعنى الآية الكريمة:
التبري من المشركين، وقطع وشائج القربى، والصلة معهم. فصار المعنى: لستم منا، ولا نحن منكم؛ بل ندعوكم إلى الله تعالى، وإلى توحيده، وإفراد العبادة له، فإن أجبتم؛ فأنتم منا، ونحن منكم، وإن كذبتم؛ فنحن براء منكم، وأنتم براء منا، كما قال تعالى في الآية رقم [٤١] من سورة (يونس) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام:{وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمّا تَعْمَلُونَ} ففي الآيتين مهادنة، ومتاركة، وهما منسوختان بآية السيف. والخطاب بقوله:{قُلْ} للنبي صلّى الله عليه وسلّم.
الإعراب:{قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت». {لا:} نافية. {تُسْئَلُونَ:}
فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو نائب فاعله. {عَمّا:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، و (ما): تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر ب (عن)، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: لا تسألون عن الذي، أو: عن شيء أجرمناه، وعلى اعتبار (ما) مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر ب: (عن) التقدير: لا تسألون عن إجرامنا، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وما بعدها معطوفة عليها، وإعرابها مثلها بلا فارق.
الشرح:{قُلْ:} الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم؛ أي: قل يا محمد لهؤلاء المشركين. {يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا} أي: يوم القيامة يجمع بين الخلائق في صعيد واحد. {ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ} أي: يحكم