للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيننا بالعدل، فيجزي كل عامل بعمله، إن خيرا؛ فخير، وإن شرّا؛ فشرّ، وستعلمون يومئذ لمن العزة، والنصرة والسعادة الأبدية. قال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ} الآية رقم [١٤] من سورة (الروم) انظر شرحها هناك؛ تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. {وَهُوَ الْفَتّاحُ:} الحاكم العادل، الفيصل في القضايا المنغلقة بأن يدخل أهل الحق الجنة، وأهل الباطل، والظلم، والطغيان النار. {الْعَلِيمُ:} بحقائق الأمور، وخفاياها، وهذه الآية كسابقتها منسوخة بآية السيف، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر، تقديره: «أنت»، ومتعلقه محذوف. انظر الشرح. {يَجْمَعُ:} فعل مضارع. {بَيْنَنا:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، و (نا): في محل جر بالإضافة. {رَبُّنا:} فاعله، و (نا): في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول. {ثُمَّ:} حرف عطف.

{يَفْتَحُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى: {رَبُّنا}. {بَيْنَنا:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، و (نا): في محل جر بالإضافة. {بِالْحَقِّ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول. {وَهُوَ:}

الواو: واو الحال. (هو): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {الْفَتّاحُ:} خبر أول. {الْعَلِيمُ:} خبر ثان. والجملة الاسمية في محل نصب حال من فاعل: {يَفْتَحُ} المستتر، والرابط: الواو، والضمير، والجملة: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

تنبيه: يقال: أجمع الأمر: إذا عزم عليه، والأمر مجمع. ويقال أيضا: اجمع أمرك، ولا تدعه منتشرا. هذا؛ وقال تعالى حكاية عن قول فرعون، وأشياعه: {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا}. ولا يقال: أجمع أعوانه، وشركاءه، وإنما يقال: جمع أعوانه، وأصدقاءه، وهذا مبني على قاعدة: «يقال: أجمع في المعاني، وجمع في الأعيان، هذا هو الأكثر والمستعمل». وقد يستعمل كل واحد مكان الآخر، قال تعالى: {فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى}. انظرها برقم [٦٠] من سورة (طه) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك، حيث تجدها مؤولة. وقال تعالى في سورة (يونس) حكاية عن قول نوح على نبينا، وحبيبنا، وعليه، وعلى يونس، وعلى جميع الأنبياء، والمرسلين ألف صلاة، وألف سلام: {فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ} وهي مؤولة، فإن التقدير:

فأجمعوا أمركم، وادعوا شركاءكم.

تنبيه: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: ما كنت أدري ما معنى قوله تعالى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا} حتى سمعت ابنة ذي يزن تقول: تعال أفاتحك. تعني: أقاضيك، وهذا قول قتادة، والسدي وابن جريج، وجمهور المفسرين: أن الفاتح هو القاضي، والحاكم، سمي بذلك؛ لأنه يفتح أغلاق الإشكال بين الخصوم، ويفصلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>