ربي؛ ليؤنسني فيها. فقال نمرود: يا إبراهيم! إني مقرب إلى إلهك قربانا لما رأيت من قدرته، وعزته فيما صنع بك حين أبيت إلا عبادته، وتوحيده، وإني ذابح له أربعة آلاف بقرة. قال إبراهيم عليه السّلام: لا يقبل الله منك ما دمت على دينك؛ حتى تفارقه، وترجع إلى ديني، فقال: لا أستطيع ترك ملكي، ولكن سوف أذبحها له، فذبحها، وكف عن إبراهيم عليه الصلاة، والسّلام، ومنعه الله منه، وهو ما في الآية التالية. انتهى. ما هنا، وهناك من الخازن، والقرطبي بتصرف.
الإعراب:{قُلْنا:} فعل، وفاعل، وانظر إعراب {نَذَرْتُ} في الآية رقم [٢٦] من سورة (مريم) عليهاالسّلام. (يا): أداة نداء. (نار): نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب ب: (يا). {كُونِي:} أمر ناقص مبني على حذف النون، وياء المؤنثة المخاطبة اسمه. {بَرْداً:}
خبره، والأصل: ذات برد، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه. (سلاما): معطوف عليه. {عَلى إِبْراهِيمَ:} متعلقان بسلاما، أو بمحذوف صفة له، وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة، هذا؛ والكلام:{يا نارُ..}. إلخ كله في محل نصب مقول القول، وجملة:{قُلْنا..}. إلخ مستأنفة لا محل لها من الإعراب.
الشرح:{وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً} أي: أراد النمرود، وأصحابه إهلاك إبراهيم-عليه الصلاة والسّلام-بالنار، كما رأيت. {فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ:} أخسر من كل خاسر لما عاد سعيهم برهانا قاطعا على أنهم على الباطل، وإبراهيم على الحق، وموجبا لمزيد مكانته عند الله، واستحقاقهم أشد العذاب في الدنيا، والآخرة، أما في الدنيا فقد نقل القرطبي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-ما يلي: سلط الله على النمرود وقومه أضعف خلقه البعوض، فما برح نمرود حتى رأى عظام أصحابه، وخيله تلوح، أكلت لحومهم، وشربت دماءهم، ووقعت واحدة في منخره، فلم تزل تأكل حتى وصلت دماغه، وكان أكرم الناس عليه الذي يضرب رأسه بمرزبة من حديد، فأقام بهذا نحوا من أربعمئة سنة. انتهى. وقال الثعلبي: وكان جبارا أربعمئة سنة، فعذبه الله أربعمئة سنة كمدة ملكه. انتهى. وذكرت لك فيما مضى: أن بختنصر، والنمرود ولدا زنى.
الإعراب:{وَأَرادُوا:} الواو: حرف عطف. (أرادوا): ماض والواو فاعله، والألف للتفريق.
{بِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وتعليقهما بالمفعول كيدا صحيح معنى، والجملة الفعلية معطوفة على جملة:{قُلْنا..}. إلخ لا محل لها مثلها. (جعلناهم): ماض، وفاعله، ومفعوله الأول.
{الْأَخْسَرِينَ:} مفعول به ثان منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها.