للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنعه ثعلب، ومثله قوله تعالى في سورة (النساء): {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} ومثل ذلك قول الشاعر، وهو الشاهد رقم [٧٥٦] من كتابنا فتح القريب المجيب: [الطويل] جشأت فقلت اللّذ خشيت ليأتين... وإذا أتاك فلات حين مناص

قال ابن هشام في المغني: وعندي لما استدل به ابن مالك تأويل لطيف يخرجه عن الاستدلال، وهو أن المبتدأ في ذلك كله، -أي: البيت المذكور، والآيات التي ألحقها، ومنها الآية التي نحن بصدد شرحها-ضمن معنى الشرط؛ إذ التقدير: إن آمنوا وعملوا الصالحات؛ لنكفرن... إلخ، فإذا قدر قسم قبل الشرط؛ كان المعنى: والله إن آمنوا وعملوا الصالحات؛ لنكفرن، ف‍: (لنكفرنّ) جواب القسم المقدر، والمبتدأ مضمن معنى الشرط، خبره محذوف، وهذا على القاعدة المشهورة: «إذا اجتمع شرط وقسم فالجواب للسابق منهما». ويحذف جواب المتأخر، فكذا يقال في المبتدأ المنزل منزلة الشرط مع القسم، وحينئذ فلا تقع الجملة القسمية خبر المبتدأ، ونظيره في الاستغناء بجواب القسم المقدر قبل الشرط المجرد من لام التوطئة قوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} التقدير: والله ليمسن إن لم ينتهوا. انتهى. وهذا من ابن هشام-رحمه الله تعالى-تخريج على البعيد.

والجملة الاسمية: {وَالَّذِينَ آمَنُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، أو مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين. {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ:} الواو: حرف عطف، (لنجزينهم): إعرابه مثل إعراب:

{لَنُكَفِّرَنَّ} وهو معطوف عليه، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول. {أَحْسَنَ:}

مفعول به ثان، وهو مضاف، و {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة. {كانُوا:} فعل ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق، وجملة:

{يَعْمَلُونَ:} في محل نصب خبر: (كان)، وجملة: {كانُوا يَعْمَلُونَ} صلة الموصول، لا محل لها، والعائد محذوف؛ إذ التقدير: كانوا يعملونه. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨)}

الشرح: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ..}. إلخ: أي: وصيناه بوالديه برا بهما، وعطفا عليهما. أو المعنى: وصينا الإنسان بوالديه أن يفعل معهما ما يحسن. نزلت هذه الآية والتي في سورة (لقمان) رقم [١٤]، والتي في سورة (الأحقاف) رقم [١٥] في سعد بن أبي وقاص مالك الزهري، أحد العشرة المبشرين بالجنة-رضي الله عنهم أجمعين-وأمه حمنة بنت أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس لما أسلم-رضي الله عنه-، وكان من السابقين إلى الإسلام، وكان بارا بأمه، فلما

<<  <  ج: ص:  >  >>