للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ وقال ابن كثير وغيره: لما ذكر الله قصة سبأ، وما كان من أمرهم في اتباعهم الهوى، والشيطان؛ أخبر عنهم، وعن أمثالهم ممن اتبع إبليس، والهوى، وخالف الرشاد، والهدى، فقال: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ}.

الإعراب: {وَلَقَدْ صَدَّقَ..}. إلخ: انظر الآية رقم [١٠] فعلى قراءة التشديد ف‍: {إِبْلِيسُ} فاعل {صَدَّقَ،} و {ظَنَّهُ} مفعول به، وعلى قراءة التخفيف ف‍: {ظَنَّهُ} منصوب بنزع الخافض، التقدير: صدق إبليس في ظنه، وعلى قراءتهما بالرفع ف‍ {إِبْلِيسُ} فاعل، و: (ظنّه) بدل اشتمال منه. {فَاتَّبَعُوهُ:} ماض، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {إِلاّ:} أداة استثناء. {فَرِيقاً:} مستثنى ب‍: {إِلاّ}. {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة: {فَرِيقاً}.

{وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٢١)}

الشرح: {وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ} أي: على الذين اتبعوه. {مِنْ سُلْطانٍ} أي: من قوة، وتسلط، وحجة، وبرهان، وإنما كان له الوسوسة، والتزيين. قال الحسن-رحمه الله تعالى-:

إنه لم يسلّ عليهم سيفا، ولا ضربهم بسوط، وإنما وعدهم، ومنّاهم، فاغتروا. انتهى. وهو صريح قول اللعين لأتباعه يوم القيامة ما أخبرنا به الله تعالى: {وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} الآية رقم [٢٢] من سورة (إبراهيم) على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، وانظر شرح {سُلْطانٍ} في الآية رقم [٣٥] من سورة (الروم).

{إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ} أي: لنرى، ونميز المؤمن من الكافر، والمراد: علم الوقوع، والظهور؛ لأن كل شيء معلوم عند الله تعالى، فهو عالم الغيب، والشهادة. قال تعالى في سورة (البقرة) رقم [١٤٣]: {وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ}.

{مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ} أي: يشك بيوم القيامة، وما فيه من الحساب، والجزاء، والجنة، والنار.

{وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ:} رقيب، وحافظ لأعمال العباد صغيرها، وكبيرها، سرها، وعلانيتها.

{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. وقيل: المعنى: ومع حفظه ضل من ضل من أتباع إبليس، وبحفظه، وكلاءته سلم من سلم من المؤمنين أتباع الرسل.

الإعراب: {وَما:} الواو: حرف عطف، أو حرف استئناف. (ما): نافية. {كانَ:} فعل ماض ناقص. {لَهُ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر: {كانَ} تقدم على اسمها.

{عَلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف، أو بمحذوف خبر ثان، أو بمحذوف حال

<<  <  ج: ص:  >  >>