جزآ، ولا ملابسة بينهما سوى الدعاء. انتهى. جمل نقلا عن الشهاب. {لِلَّذِينَ:} متعلقان ب: {فِتْنَةً،} أو بمحذوف صفة له، وجملة:{كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها. وجملة:{وَاغْفِرْ:} مع المفعول المحذوف معطوفة على ما قبلها. {تَجْعَلْنا:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {رَبَّنا:} توكيد لفظي لما قبله. {إِنَّكَ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها. {أَنْتَ:} ضمير فصل، لا محل له، أو هو توكيد لاسم (إنّ) على المحل؛ إذ محله الرفع على الابتداء. {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ:} خبران ل: (إنّ)، وإن اعتبرت الضمير مبتدأ؛ فهما خبران له، والجملة الاسمية في محل رفع خبر (إنّ) والجملة الاسمية تعليل للدعاء لا محل لها.
الشرح:{لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ} أي: في إبراهيم، والذين معه. {أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} أي: قدوة صالحة. وهذا التكرير لمزيد الحث على التأسي بإبراهيم، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. و (الأسوة) بضم الهمزة، وكسرها، مثل: القدوة بضم القاف وكسرها، والمراد بالأسوة الحسنة: التبرؤ من الكفار. {لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ} أي: يرجو رحمته، ومثله:{يَخافُونَ رَبَّهُمْ} أي:
عذابه بدليل قوله تعالى:{وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ}. {وَالْيَوْمَ الْآخِرَ:} هو آخر يوم من أيام الدنيا، فيه الحشر، والنشر، والميزان، والصراط إلى دخول أهل الجنة الجنة، ودخول أهل النار النار. هذا؛ والرجاء في الأصل: الأمل في الشيء، والطماعية فيه، قال الشاعر:[الوافر] أترجو أمة قتلت حسينا... شفاعة جدّه يوم الحساب
وقد يأتي الرجاء بمعنى الخوف، وبه فسر قوله تعالى في سورة (العنكبوت) الاية رقم [٥]:
{مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ..}. إلخ وغيرها كثير، وهي لغة تهامة، ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي في صفة عسّال؛ أي: الذي يقطف عسل النحل: [الطويل] إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها... وخالفها في بيت نوب عواسل
وقال بعض العلماء: لا يقع الرجاء بمعنى الخوف إلا مع الجحد؛ أي: النفي، كقوله تعالى:{ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلّهِ وَقاراً} وقال بعضهم: بل يقع في كل موضع، دل عليه المعنى، وهو المعتمد. {وَمَنْ يَتَوَلَّ} أي: يعرض عن التأسي، والاقتداء بإبراهيم، والأنبياء، والمرسلين؛ الذين جاؤوا معه بالهدى، والنور، وامتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه.
{فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ:} عن عباده غير محتاج إليهم في شيء. {الْحَمِيدُ:} المحمود بكل لسان، الممجد في كل مكان على كل حال، وهو مستحق للحمد في ذاته، تحمده الملائكة، وتنطق بحمده ذرات المخلوقات. هذا؛ وانظر شرح (التولي) في سورة (الذاريات) رقم [٥٤].