للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقررة للتي قبلها، بنيت تلك على النهي عما يؤذي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهذه على الأمر باتقاء الله تعالى في حفظ اللسان؛ ليترادف عليها النهي والأمر، مع اتباع النهي ما يتضمن الوعيد من قصة موسى عليه السّلام، واتباع الأمر الوعد البليغ، فيقوى الصارف عن الأذى، والداعي إلى تركه.

{وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ} فيما أمرا به، وفيما نهيا عنه. {فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً:} يعش في الدنيا حميدا، وفي الآخرة سعيدا، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٥٤] من سورة (النور) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

الإعراب: {يُصْلِحْ:} فعل مضارع مجزوم لوقوعه جوابا للأمر، وجزمه عند الجمهور بشرط محذوف، التقدير: إن تقولوا قولا سديدا يصلح، فلذا الوقف على {سَدِيداً} غير جيد؛ بل الأحسن الوصل. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {أَعْمالَكُمْ:} مفعول به، والكاف في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية لا محل لها على الوجهين المعتبرين فيها، وجملة: {(يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)} معطوفة عليها، وإعرابها مثلها، والفاعل بالفعل ضمير مستتر تقديره:

«هو» يعود إلى {اللهَ}.

{وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يُطِعِ:} فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (من). {اللهَ:} منصوب على التعظيم. (رسوله): معطوف على ما قبله، والهاء في محل جر بالإضافة. {فَقَدْ:} الفاء واقعة في جواب الشرط. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {فازَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (من) أيضا. {فَوْزاً:} مفعول مطلق. {عَظِيماً:} صفة له، والجملة الفعلية:

{فَقَدْ فازَ..}. إلخ في محل جزم جواب الشرط، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه كما رأيت في الآية رقم [٣٠]، والجملة الاسمية: {وَمَنْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (٧٢)}

الشرح: قال عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-: أراد بالأمانة: الطاعة والفرائض؛ التي فرضها الله تعالى على عباده، عرضها على السموات، والأرض، والجبال على أنهم إن أدوها؛ أثابهم، وإن ضيعوها؛ عذبهم.

وقال عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-: الأمانة أداء الصلوات، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، وصدق الحديث، وقضاء الدين، والعدل في المكيال. وأشد من هذا كله الودائع. وقيل: هي جميع ما أمروا به، ونهوا عنه. وقيل: هي الصوم، وغسل الجنابة، وما يخفى من الشرائع.

<<  <  ج: ص:  >  >>