للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ (١٠٥)}

الشرح: {وَكَأَيِّنْ}: أصلها: (أي) الاستفهامية، دخلت عليها كاف التشبيه، فصارت بمعنى كم التكثيرية، وهي كناية عن عدد مبهم، مثل كم وكذا، وفيها خمس لغات، كلها قرئ بها: إحداها: كأيّن، وهي الأصل، وبها قرأ الجماعة إلا ابن كثير، والثانية: كائن بوزن كاعن، وبها قرأ ابن كثير وجماعة، وهي أكثر استعمالا من كأيّن، وإن كانت تلك الأصل، الثالثة: كئين بوزن كريم، الرابعة: كيئن بياء ساكنة وهمزة مكسورة، الخامسة: كأن بوزن كعن، هذا؛ والجلال المحلي اعتبر (كأين) بسيطة غير مركبة، وأن آخرها نون من نفس الكلمة لا تنوين؛ لأن هذه الدعاوى المتقدمة، لا يقوم عليها دليل، والشيخ رحمه الله تعالى سلك في ذلك الطريق الأسهل، والنحويون ذكروا هذه الأشياء محافظة على أصولهم، مع ما ينضم إلى ذلك من الفوائد، وتشحين الذهن، وتمرينه.

ومعنى {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ..}. إلخ: أي: كأي عدد شئت من الآيات والعلامات الدالة على وجود الصانع ووحدته، وكمال علمه وقدرته وحكمته غير هذه الآية التي جئت بها، {فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي: كائنة فيهما من الأجرام الفلكية، وما فيها من النجوم، وتغير أحوالها، ومن الجبال والبحار، وسائر ما في الأرض من العجائب الفائقة للحصر. {يَمُرُّونَ عَلَيْها..}. إلخ أي:

يشاهدونها، ولا يفكرون فيها، ولا يعتبرون بها، هذا؛ وقرئ برفع «(الأرضُ)» على الابتداء، وجملة: {يَمُرُّونَ..}. إلخ خبره، كما قرئ بنصبه، فيكون التقدير: ويطئون الأرض، وعلى هاتين القراءتين يكون الوقف على السموات.

الإعراب: {وَكَأَيِّنْ}: الواو: حرف استئناف. (كأين): اسم كناية بمعنى كثير، مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {مِنْ}: حرف جر صلة. {آيَةٍ}: تمييز ل‍ (كأين) منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.

{فِي السَّماواتِ}: متعلقان بمحذوف صفة آية. (الأرض): بالجر معطوف على ما قبله، وجملة:

{يَمُرُّونَ عَلَيْها} في محل رفع خبر المبتدأ (كأين). (هم): مبتدأ. {عَنْها}: متعلقان بما بعدهما.

{مُعْرِضُونَ}: خبر المبتدأ مرفوع... إلخ، والجملة الاسمية (هم...) إلخ في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير، والجملة الاسمية (كأين...) إلخ مستأنفة لا محل لها، هذا؛ وقيل: إن الجار والمجرور {فِي السَّماواتِ} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ وجملة:

{يَمُرُّونَ عَلَيْها} صفة: {آيَةٍ} ولا وجه له البتة؛ لأن الفائدة لا تتم بالجار والمجرور ولا يفصل بين الصفة والموصوف بأجنبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>