إذ التقدير: يوم إذ تأتيهم الساعة... إلخ. {بَعْضُهُمْ:} مبتدأ، والهاء في محل جر بالإضافة.
{لِبَعْضٍ:} متعلقان ب: {عَدُوٌّ} أيضا. وقيل: متعلقان بمحذوف حال منه، والأول أقوى، وأولى. {عَدُوٌّ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ الأول، والجملة الاسمية:{الْأَخِلاّءُ..}. إلخ مستأنفة، لا محلّ لها. {إِلاَّ:} أداة استثناء. {الْمُتَّقِينَ:}
مستثنى بإلا منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ.
{يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨)}
الشرح: قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: قال مقاتل، ورواه المعتمر بن سليمان عن أبيه:
ينادي مناد في العرصات-أي: عرصات يوم القيامة حين يبعث الناس ويفزعون-: {يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ،} فيرفع أهل العرصة-أهل الموقف-رؤوسهم، فيقول المنادي:{الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ} فينكس أهل الأديان رؤوسهم غير المسلمين. وذكر المحاسبي في الرعاية، وقد روي في هذا الحديث: أنّ المنادي ينادي يوم القيامة: {يا عِبادِ لا خَوْفٌ..}. إلخ فيرفع الخلائق رؤوسهم، يقولون: نحن عباد الله. ثم ينادي الثانية:{الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا..}. إلخ فينكس الكفار رؤوسهم، ويبقى الموحدون رافعي رؤوسهم. ثم ينادي الثالثة:{الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ} فينكس أهل الكبائر رؤوسهم، ويبقى أهل التقوى رافعي رؤوسهم، قد أزال عنهم الخوف والحزن، كما وعدهم؛ لأنّه أكرم الأكرمين، لا يخذل وليه، ولا يسلمه عند الهلكة. انتهى. وخذ ما يلي:
عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله تعالى يقول يوم القيامة:
أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلّهم في ظلّي، يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي». رواه مسلم. وعن عبادة بن الصامت-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأثر عن ربه تبارك وتعالى يقول: «حقت محبّتي للمتحابّين فيّ، وحقّت محبّتي للمتواصلين فيّ، وحقت محبّتي للمتزاورين فيّ، وحقت محبّتي للمتباذلين فيّ». رواه الإمام أحمد.
وعن عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء، ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء، والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله». قالوا:
يا رسول الله! فخبرنا من هم؟ قال:«هم قوم تحابّوا بروح الله على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها، فو الله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، ولا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس، وقرأ هذه الآية: {أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ»}. رواه أبو داود. هذا؛ والفعل:{يَحْزَنُونَ} في هذه الآية من باب: فرح، وطرب، فهو لازم. ويأتي من باب: دخل، وقتل، فيكون متعديا، كما يكون متعديا إذا أتى من الرباعي.