جاء في الصحيحين وغيرهما، واللفظ لمسلم: عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} رقم [٢١٤] من سورة (الشعراء) خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى صعد الصفا، فهتف:«يا صباحاه!». فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد، فاجتمعوا إليه؛ فقال:«أرأيتكم لو أخبرتكم: أن خيلا، تخرج بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم؛ أكنتم مصدقيّ؟» قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال:«فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد!» فقال أبو لهب: تبّا لك؛ ألهذا جمعتنا؟! ثم قام، فنزلت السورة الكريمة، فلما سمعت امرأته العوراء ما نزل بزوجها، وفيها من القرآن؛ أتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر-رضي الله عنه-وفي يدها فهر (حجر ملء الكف) فلما وقفت عليه؛ أخذ الله بصرها عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلا ترى إلا أبا بكر، فقالت: يا أبا بكر! إن صاحبك قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته؛ لضربت بهذا الفهر فاه! والله إني لشاعرة، وقائلة:[مجزوء الرجز]
مذمّما عصينا... وأمره أبينا ودينه قلينا
ثم انصرفت، فقال الصديق-رضي الله عنه-: يا رسول الله! أما تراها رأتك؟ قال:
«ما رأتني! لقد أخذ الله بصرها عني!» وكانت قريش تسمي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مذمما، يسبونه، ويهجونه، وكان صلّى الله عليه وسلّم يقول:«ألا تعجبون لما صرف الله عني من أذى قريش، يسبون، ويهجون مذمما، وأنا محمد». هذا؛ وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يعرض نفسه على قبائل العرب في موسم الحج، وأبو لهب يمشي خلفه، ويقول لهم: هذا ابن أخي، وهو كذاب، لا تصدقوه! فكانوا يردون على