للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومكروه انكسر، وعاد إلى التواضع والطاعة. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: بغيهم طلبهم منزلة بعد منزلة، ومركبا بعد مركب، وملبسا بعد ملبس. انتهى. جمل نقلا من الخطيب.

{وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ} أي: ينزل أرزاقهم بقدر ما يشاء لكفايتهم. {إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ:} لو أغناهم جميعا؛ لبغوا، ولو أفقرهم؛ لهلكوا. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٢].

هذا؛ والإضافة بقوله (عباده) إضافة تشريف، وتكريم بالنسبة للمؤمنين، وإضافة قهر، وإذلال بالنسبة للكافرين، والملحدين، والفاسدين المفسدين. وعباد جمع: عبد، وهو الإنسان من بني آدم حرا كان، أو عبدا رقيقا، ويقال للمملوك: قن، وله جموع كثيرة، وأشهرها: عبيد، وعباد. قيل:

نزلت الآية الكريمة في قوم من أهل الصفة تمنوا سعة الرزق، وقال خباب بن الأرت-رضي الله عنه-: فينا نزلت، نظرنا إلى أموال بني النضير، وقريظة، وبني قينقاع، فتمنيناها، فنزلت.

الإعراب: {وَلَوْ:} الواو: حرف استئناف. (لو): حرف لما كان سيقع لوقوع غيره. {بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ:} ماض، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنّها ابتدائية، ويقال:

لأنّها جملة شرط غير ظرفي. {لِعِبادِهِ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة.

{لَبَغَوْا:} اللام: واقعة في جواب (لو). (بغوا): ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة؛ التي هي فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية جواب (لو)، لا محلّ لها. {فِي الْأَرْضِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، و (لو) ومدخولها كلام مستأنف، لا محلّ له. {وَلكِنْ:} الواو: حرف عطف. (لكن): حرف استدراك مهمل، لا عمل له. {يُنَزِّلُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى الله. {بِقَدَرٍ:} متعلقان بما قبلهما. وقيل:

متعلقان بمحذوف حال، ولا وجه له، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلهما، لا محلّ لها أيضا. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: ينزل بقدر الذي، أو: شيئا يشاء تنزيله. {إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه. {بِعِبادِهِ:} متعلقان بما بعدهما. {خَبِيرٌ بَصِيرٌ:} خبران ل‍: (إنّ)، والجملة الاسمية تعليل لما قبلها، ولا محلّ لها.

{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (٢٨)}

الشرح: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا} أي: يئس الناس منه، وذلك أدعى لهم إلى الشكر. قيل: حبس الله المطر عن أهل مكة سبع سنين حتى قنطوا، ثم أنزل الله المطر، فذكرهم بنعمته؛ لأنّ الفرح بحصول النعمة بعد الشدة أتم. وهو قول مقاتل. وقيل: نزلت في الأعرابي سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن المطر يوم الجمعة في خبر الاستسقاء. ذكره القشيري.

<<  <  ج: ص:  >  >>