للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعلقان بالفعل قبلهما، والتقدير: بسبب فسقهم، واعتبار (ما) موصولة، أو موصوفة هنا بعيد.

تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (٥٠)}

الشرح: {قُلْ:} انظر «القول» في الآية رقم [٧/ ٤]. {خَزائِنُ اللهِ:} خزائن رزقه، و {خَزائِنُ} جمع: خزانة، وهي اسم للمكان الذي يخزن فيه الشيء، وخزن الشيء: إحرازه بحيث لا تناله الأيدي. {اللهِ:} انظر الاستعاذة. {وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} أي: لا أعلم ما لم يوح إلي فيه شيء، ولم ينصب عليه دليل. {وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ:} وهذا رد لقولهم: قالوا: ما لهذا الرسول يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق، ويتزوج النساء إلى غير ذلك. {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ ما يُوحى إِلَيَّ} أي: ما أخبركم إلا بما أنزل الله عليّ. وانظر: {أَوْحَيْنا} في الآية رقم [٤/ ١٦٣]. {الْأَعْمى} أي: الكافر والضال والجاهل، ومعنى عماهم أنهم لا يبصرون طريق الحق والصواب. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٦] و [٣٩] {وَالْبَصِيرُ:} هو المؤمن المهتدي العالم، ومعنى بصره: أنه يبصر طريق الحق والصواب.

{أَفَلا:} انظر ما ذكرته في الآية رقم [٥/ ١٠٤]. {تَتَفَكَّرُونَ} أي: في خلق السموات والأرض فتهتدون فلا تكونون ضالين أشباه العميان، أو فتعلموا أني ما ادعيت ما لا يليق بالبشر ونحو ذلك.

ومجمل معنى الآية الكريمة: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أعلمهم بأمر الله له: أنه لا يملك خزائن الله التي منها يرزق ويعطي، وأنه لا يعلم الغيب فيخبر بما كان وبما سيكون، وأنه ليس بملك حتى يطلع على ما لا يطلع عليه البشر، إنما يتبع ما يوحى إليه من ربه عز وجل، فما أخبر عنه من غيب، فإنما هو بوحي الله إليه. انتهى جمل، وخازن. وتتمة المعنى: لا يكون الكافر والمؤمن على درجة واحدة عند الله لا في الدنيا ولا في الآخرة، وكذلك المطيع والعاصي، ألا يتفكر العقلاء ذوو البصيرة في ذلك لعلهم يرجعون إلى رشدهم.

تنبيه: نزلت الآية الكريمة حين طلبوا من النبي صلّى الله عليه وسلّم أشياء ليست بمقدوره، واستنكروا منه أشياء لا تكون بزعمهم ممن يدعي النبوة، فبين الله لهم: أن الرسول بشر لا يقدر على أشياء ليست من صنع البشر، وأنه يتلقى ما يعلمه الله إياه بواسطة الملك. والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {لا:} نافية. {أَقُولُ:} مضارع، وفاعله مستتر تقديره: «أنا». {لَكُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {عِنْدِي:} ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر مقدم منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {خَزائِنُ:} مبتدأ

<<  <  ج: ص:  >  >>