للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكيف إذا مررت بدار قوم... وجيران لنا كانوا كرام

{مِنْ كُلِّ:} متعلقان بما قبلهما، و ({كُلِّ}) مضاف، و {أُمَّةٍ:} مضاف إليه. {بِشَهِيدٍ:}

متعلقان بالفعل قبلهما. {وَجِئْنا:} فعل وفاعل، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها. {بِكَ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {عَلى:} حرف جر. {هؤُلاءِ:}

الهاء للتنبيه لا محل لها. (أولاء): اسم إشارة مبني على الكسر في محل جر ب‍ {عَلى،} والجار والمجرور متعلّقان بالفعل: {جِئْنا،} أو هما متعلّقان ب‍ {شَهِيداً} بعدهما. {شَهِيداً:} حال من كاف الخطاب.

{يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً (٤٢)}

الشرح: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ..}. إلخ أي: في اليوم العصيب الذي يشهد فيه كلّ نبيّ على أمته، ويشهد الرّسول صلّى الله عليه وسلّم على أمّته يتمنّى الذين كفروا، وعصوا الرسول لو يدفنوا في الأرض، ثمّ تسوى بهم كما تسوّى بالموتى، أو لو تنشق الأرض، فتبتلعهم، ويكونون ترابا، كقوله تعالى في آخر سورة النبأ: {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً}.

{وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-في رواية عطاء عنه: لو تسوّى بهم الأرض، وأنّهم لم يكونوا كتموا أمر محمد صلّى الله عليه وسلّم، ولا كفروا به، ولا نافقوه. فعلى هذا القول يكون الكتمان ما كتموا في الدنيا من صفة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ونعته، وهو كلام متصل بما قبله.

وقيل: هو كلام مستأنف، قال سعيد بن جبير-رحمه الله تعالى-: سأل رجل ابن عباس -رضي الله عنهما-فقال: إني أجد في القرآن أشياء تختلف عليّ، قال: هات ما يختلف عليك، قال: منها قوله تعالى: {وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً،} ومنها قوله تعالى: {وَاللهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ} فقد كتموا، فقال ابن عباس: يغفر الله تعالى لأهل الإسلام ذنوبهم، ويدخلهم الجنة، فيقول المشركون: تعالوا نقول: ما كنا مشركين، فيقولون: {وَاللهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ} رجاء أن يغفر لهم، فيختم على أفواههم، وتنطق أيديهم، وأرجلهم بما كانوا يعملون، فعند ذلك عرفوا: أنّ الله لا يكتم حديثا، وعنده {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوّى بِهِمُ الْأَرْضُ} فلا يختلف عليك القرآن، فإن كلاّ من عند الله.

وقال الحسن البصري: إنّها مواطن؛ ففي موطن لا يتكلّمون، ولا تسمع إلا همسا، وفي موطن يعترفون على أنفسهم، وهو قوله تعالى: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ}. وفي موطن لا يتساءلون، وفي موطن يتساءلون، وفي موطن يسألون الرجعة، وآخر تلك المواطن أن يختم على أفواههم، وتتكلّم جوارحهم، فهو قوله تعالى: {وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً}.

<<  <  ج: ص:  >  >>